معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (21)

قوله تعالى : { ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون } ، أي : يقولون بألسنتهم سمعنا بآذاننا ، وهم لا يسمعون ، أي لا يتعظون . ولا ينتفعون بسماعهم ، فكأنهم لم يسمعوا قوله تعالى : { إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (21)

وقوله : { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } تأكيد لما قبله ، ونهى لهم عن التشبه بالضالين .

أى أطيعوا الله ورسوله في كل أحوالكم عن إخلاص وإذعان ، ولا تقصروا في ذلك في وقت الأوقات ، وإياكم أن تتشبهوا بأولئك الكافرين والمنافقين الذين ادعوا السماع فقالوا سمعنا ، والحال أنهم لم يسمعوا سماع تدبر واتعاظ ، لأنهم لم يصدقوا ما سمعوه ، ولم يتأثروا به . بل نبذوه وراء ظهورهم .

فالمنفى في قوله - تعالى - { وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } سماع خاص ، وهو سماع التدبر والاتعاظ ، لكنه جئ به على سبيل الإِطلاق ، للإِشعار بأنهم قد نزلوا من لم يسمع أصلا ، بجعل سماعهم بمنزلة العدم ، حيث إنه سماع لا وزن له ، ولا فائدة لهم من روائه ، مع أنهم لو فتحوا آذانهم وقلوبهم للحق لاستفادوا ، ولكنهم آثروا الغى على الرشد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلاَ تَكُونُواْ كَالّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } . .

يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله ورسوله من أصحاب نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : لا تكونوا أيها المؤمنون في مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم كالمشركين الذين إذا سمعوا كتاب الله يتلى عليهم ، قالوا قد سمعنا بآذاننا وهم لا يسمعون يقول : وهم لا يعتبرون ما يسمعون بآذانهم . ولا ينتفعون به لإعراضهم عنه ، وتركهم أن يوعوه قلوبهم ويتدبروه فجعلهم الله لما لم ينتفعوا بمواعظ القرآن وإن كانوا قد سمعوها بآذانهم ، بمنزلة من لم يسمعها . يقول جلّ ثناؤه لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكونوا أنتم في الإعراض عن أمر رسول الله وترك الانتهاء إليه وأنتم تسمعونه بآذَانكم كهؤلاء المشركين الذين يسمعون مواعظ كتاب الله بآذَانهم ، ويقولون : قد سمعنا ، وهم عن الاستماع لها والاتعاظ بها معرضون ، كمن لم يسمعها .

وكان ابن إسحاق يقول في ذلك ، ما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : وَلا تَكُونُوا كالّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ : أي كالمنافقين الذين يظهرون له الطاعة ، ويسرّون المعصية .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ قال : عاصون .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

وللذي قال ابن إسحاق وجه ، ولكن قوله : وَلا تَكُونُوا كالّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ في سياق قصص المشركين ، ويتلوه الخبر عنهم بذمهم ، وهو قوله : إنّ شَرّ الدّوَابّ عِنْدَ اللّهِ الصّمّ البُكْمُ الّذِينَ لا يَعْقِلُونَ فلأن يكون ما بينهما خبرا عنهم أولى من أن يكون خبرا عن غيرهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (21)

وقوله { كالذين قالوا } يريد الكفار ، فإما من قريش لقولهم { سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا }{[5273]} وإما الكفار على الإطلاق الذين يقولون سمعنا القرآن وعلمنا أنه سحر أو شعر وأساطير بحسب اختلافهم ، ثم أخبر الله عنهم خبراً نفى به أنهم سمعوا أي فهموا ووعوا ، لأنه لا خلاف أنهم كانوا يسمعون التلاوة بآذانهم ولكن صدورهم مطبقة لم يشرحها الله عز وجل لتلقي معاني القرآن والإيمان به .


[5273]:- ستأتي في الآية (31) من هذه السورة.