نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ} (173)

ولما خص بذلك المرسلين ، عم فقال : { وإن جندنا } أي من المرسلين وأتباعهم ، ولما كان مدلول الجند في اللغة العسكر والأعوان والمدينة وصنفاً من الخلق على حدة ، قال جامعاً على المعنى دون اللفظ نصاً على المراد : { لهم } أي لا غيرهم { الغالبون * } أي وإن رئي أنهم مغلوبون لأن العاقبة لهم إن لم يكن في هذه الدار فهو في دار القرار ، وقد جمع لهذا النبي الكريم فيهما ، وسمى هذا كله كلمة لانتظامه معنى واحداً ، ولا يضر انهزام في بعض المواطن من بعضهم ولا وهن قد يقع ، وكفى دليلاً على هذا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الثلاثة بعده رضي الله عنهم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ} (173)

{ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } جند الله : حزبه من النبيين والمتقين السائرين على شرعه ومنهجه للعالمين فقد سبقت كلمة الله في الأزل أن هؤلاء المؤمنين المخلصين ، لهم الغلبة والظهور على الكافرين الظالمين وهذه سنة الله في عباده أن جعل النصر والغلبة لجنده المتقين ، وجعل الذلة والخزي والصَّغار على المجرمين الذين يُحادّون الله ورسله ويتصدون لدين الله ومنهجه وشرعه بالتكذيب والتشكيك والصَّدّ . ذلك وعد من الله لجنده المؤمنين الصادقين ، السائرين على صراطه المستقيم ، ولا ينافي ما يصيب المسلمين من هزائم ونكسات في كثير من الأحوال ؛ فسنة الله أن يبتلى المسلمون في أنفسهم وأموالهم وأوطانهم وكراماتهم في أحوال عصيبة مريرة . وما كان ذلك ليكون لولا تفريط المسلمين في دينهم ، ونكولهم عن فريضة الجهاد وانشغالهم بزينة الحياة الدنيا .

وكيفما تكن الأمور والأحداث والابتلاءات فإن العاقبة لعباد الله المؤمنين المتقين الصابرين ؛ فهم الغالبون لا محالة ، وهم الوارثون لنصر الله ، لتكون لهم الهيمنة والغلبة في النهاية وتكون لهم العزة والاستعلاء ويكون الدين كله لله .