التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَفُرُشٖ مَّرۡفُوعَةٍ} (34)

فرش مرفوعة : قيل إن الجملة كناية عن النساء اللاتي جاء وصفهن في الآيات التالية لهذه الآية ؛ لأن المرأة يكنى عنها بالفراش{[2107]} وقيل : إنها بسبيل التنويه بارتفاع الفراش الذي يضطجع عليه أهل الجنة عن الأرض .

{ وأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ 27 فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ 28 وطَلْحٍ مَّنضُودٍ 29 وظِلٍّ مَّمْدُودٍ 30 ومَاء مَّسْكُوبٍ 31 وفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ 32 لَّا مَقْطُوعَةٍ ولَا مَمْنُوعَةٍ 33 وفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ 34 إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء 35 فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا 36 عُرُبًا أَتْرَابًا 37 لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ 38 ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَولِينَ 39 وثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ 40 } [ 27 40 ]

والآيات استمرار للسياق . وقد احتوت تنويها بأصحاب اليمين ووصفا لمنازلهم وحياتهم ونعيمهم في الجنة بعبارة واضحة .

تعليق على منازل أصحاب اليمين

والوصف أقل روعة من الوصف الأول . والحكمة في ذلك ظاهرة متسقة مع طبائع الأشياء . فالمؤمنون في مجال العمل متفاوتون ، فمنهم السابق المجلي والمستغرق المتفاني ، ومنهم المقتصد المتقي ، بل ومنهم المقصر بعض التقصير مع حسن النية . فاقتضت حكمة التنزيل أن يعلم الناس أن لكل منهم منازل فيها رضاء الله وعطفه مع التفاوت حسب سيرهم في مجال العمل . وتعبير { ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَولِينَ 39 وثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ 40 } في صدد أصحاب اليمين ينطوي على ما هو المتبادر على تقرير كون أصحاب هذه المرتبة هو السواد الأعظم من المؤمنين في جميع الأوقات . وهو المتسق مع طبائع الأمور .

وفي الآيات تشجيع وتطمين لأصحاب هذه المرتبة . فالله سبحانه يقبل من عباده المؤمنين عملهم الصالح مهما كان مقداره . ويرضى عنه ويثيب أصحابه .

وما قلناه في آخر تعليقنا على ما جاء في الآيات السابقة من الإطناب في وصف مجلس الشراب والطعام وهدفه نقوله هنا بتمامه فلا حاجة إلى التكرار .


[2107]:انظر تفسيرها في كشاف الزمخشري.