تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (13)

ولذلك قال [ الله ]{[12745]} تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي : خالفوهما فساروا في شق ، وتركوا الشرع والإيمان به واتباعه في شق - وهو مأخوذ أيضا من شق العصا ، وهو جعلها فرقتين - { وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } أي : هو الطالب الغالب لمن خالفه وناوأه ، لا يفوته شيء ، ولا يقوم لغضبه شيء ، تبارك وتعالى ، لا إله غيره ، ولا رب سواه .


[12745]:زيادة من ك، م، أ.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (13)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ذلك} الذي نزل بهم {بأنهم شاقوا الله ورسوله} يعنى عادَوُا الله ورسوله، {ومن يشاقق الله}، يعنى ومن يعاد الله {ورسوله فإن الله شديد العقاب} إذا عاقب...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني تعالى ذكره بقوله:"ذلكَ بأنّهُمْ" هذا الفعل من ضرب هؤلاء الكفرة فوق الأعناق، وضرب كلّ بنان منهم، جزاء لهم بشقاقهم الله ورسوله، وعقاب لهم عليه. ومعنى قوله: "شاقّوا الله وَرَسُولَهُ": فارقوا أمر الله ورسوله وعصوهما، وأطاعوا أمر الشيطان. ومعنى قوله: "وَمَنْ يُشاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ": ومن يخالف أمر الله وأمر رسوله، وفارق طاعتهما. "فإنّ اللّهَ شَدِيدُ العِقابِ "له، وشدة عقابه له في الدنيا: إحلاله به ما كان يحلّ بأعدائه من النقم، وفي الآخرة الخلود في نار جهنم.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فان الله شديد العقاب" قال الزجاج: معناه: جانبوا الله، اي صاروا في جانب غير جانب المؤمنين، ومثله حاربوا الله. والشقاق: أصله الانفصال...

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

(ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله) أي: نازعوا الله ورسوله...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمؤمنون داخلون فيه بالمعنى والضمير في {بأنهم} عائد على الذين كفروا، و {شاقوا} معناه خالفوا ونابذوا وقطعوا، وهو مأخوذ من الشق وهو القطع والفصل بين شيئين، وهذه مفاعلة فكأن الله لما شرع شرعاً وأمر بأوامر وكذبوا هم وصدوا تباعد ما بينهم وانفصل وانشق، مأخوذ من هذا لأنه مع شقه الآخر تباعدا وانفصلا وعبر المفسرون عن قوله {شاقوا} أي صاروا في شق غير شقه...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

... ثم قال: {ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب} يعني أن هذا الذي نزل بهم في ذلك اليوم شيء قليل مما أعده الله لهم من العقاب في القيامة، والمقصود منه الزجر عن الكفر والتهديد عليه.

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

{ذلك بأنهم شاقّوا الله ورسوله} أي ذلك الذي ذكره كله من تأييده تعالى للمؤمنين وخذلانه للمشركين بسبب أنهم شاقوا الله ورسوله أي عادوهما فكان كل منهما في شق غير الذي فيه الآخر فالله هو الحق والداعي إلى الحق ورسوله هو المبلغ عنه الحق، والمشركون على الباطل وما يترتب عليه من الشرور والخرافات {ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب} أي فإن عقاب الله شديد، وأحق الناس به المشاقون له بإيثار الشرك وعبادة الطاغوت على توحيده وعبادته، وبالاعتداء على أوليائه أولاً بمحاولة ردهم عن دينهم بالقوة والقهر وإخراجهم من ديارهم ثم اتباعهم إلى مهجرهم يقاتلونهم فيه.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

...

. (ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب).. ينزل عقابه الشديد على الذين يشاقونه ويشاقون رسوله. وهو قادر على عقابهم وهم أضعف من أن يقفوا لعقابه.. قاعدة وسنة. لا فلتة ولا مصادفة. قاعدة وسنة أنه حيثما انطلقت العصبة المسلمة في الأرض لتقرير ألوهية الله وحده، وإقامة منهج الله وحده، ثم وقف منها عدوّ لها موقف المشاقة لله ورسوله، كان التثبيت والنصر للعصبة المسلمة، وكان الرعب والهزيمة للذين يشاقون الله ورسوله. ما استقامت العصبة المسلمة على الطريق، واطمأنت إلى ربها، وتوكلت عليه وحده، وهي تقطع الطريق...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والمشاقة: العداوة بعصيان وعناد، مشتقة من الشّق بكسر الشين وهو الجانب، هو اسم بمعنى المشقوق أي المفرق، ولما كان المخالف والمعادي يكون متباعداً عن عدوه فقد جعل كأنه في شق آخر، أي ناحية أخرى، والتصريح بسبب الانتقام تعريض للمؤمنين ليستزيدوا من طاعة الله ورسوله، فإن المشيئة لما كانت سبب هذا العقاب العظيم فيوشك ما هو مخالفة للرسول بدون مشاقة أن يُوقع في عذاب دون ذلك، وخليق بأن يكون ضدها وهو الطاعة موجباً للخير...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

وهنا يوضح الحق سبحانه وتعالى: أن هذا النصر المؤزر للنبي وصحبه والهزيمة للمشركين؛ لأنهم شاقوا الله ورسوله، و "شاقوا "من "الشق" ومعناه أنك تقسم الشيء الواحد إلى اثنين. وكان المفروض في الإنسان منهم أن يستقبل منهج الله الذي نظم له حركته في هذا الكون، ولم يكن هناك داع لتبديد الطاقة بالانشقاق إلى جماعتين، جماعة مع الرسول صلى الله عليه وسلم وجماعة مع الكفر والشرك، لأن الطاقة التي كانت معدة لإصلاح أمر الإنسان والكون للخلافة، إنما يتبدد جزء منها في الحروب بين الحق والباطل، ولو توقفت الحروب لصارت الطاقة الإنسانية كلها موجهة للإصلاح والارتقاء والنهوض وتحقيق الخير لبني الإنسان، لكنهم شاقوا الله ورسوله، فجعلوا أنفسهم في جانب يواجه جانب المؤمنين بالله والرسول؛ لذلك استحقوا عذاب الله وعقابه، وبسبب أنهم شاقوا الله ورسوله، عليهم أن يتحملوا العقاب الشديد من الله، فيقول سبحانه وتعالى {وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (من الآية 13 سورة الأنفال)، وهذه قضية عامة، وسنة من الله في كونه تشمل هؤلاء الذين شاقوا الله ورسوله من بدء الرسالة، وإلى قيام الساعة...