اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (13)

قوله : " ذَلِكَ بأنَّهُمْ " ، " ذلكَ " مبتدأ وخبر ، والإشارةُ إلى الأمر بضربهمٍ ، والخطابُ يجوزُ أن يكون للرسول صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يكون للكفَّارِ ، وعلى هذا فيكونُ التفاتاً .

كذا قال أبُو حيَّان{[17212]} وفيه نظر لوجهين :

أحدهما : أنه يلزمُ من ذلك خطابُ الجمع بخطاب الواحد ، وهو ممتنعٌ أو قليلٌ ، وقد حُكِيَتْ لُغَيَّة .

والثاني : أنَّ بعده : { بِأَنَّهُمْ شَاقُّواْ الله } فيكون التفت من الغيبةِ إلى الخطاب في كلمة واحدة ، ثمَّ رجع إلى الغيبة في الحال ، وهو بعيدٌ .

قوله : { وَمَن يُشَاقِقِ الله } " مَنْ " مبتدأ ، والجملةُ الواقعة بعدها خبرها ، أو الجملة الواقعة جزءً أو مجموعهما ، ومن التزم عود ضمير من جملة الجزاءِ على اسمِ الشَّرط قدَّرهُ هُنَا محذوفاً تقديره : فإنَّ الله شديدُ العقاب له .

واتفق القُّراءُ على فكِّ الإدغام هنا في : " يُشاقِقِ " ؛ لأنَّ المصاحفَ كتبته بقافين مفكوكتين ، وفَكُّ هذا النوعِ لغةُ الحجاز ، والإدغامُ بشروطه لغة تميم .

فصل

والمعنى : أنَّه تعالى ألقاهم في الخزي والنَّكال من هذه الوجوه الكثيرة ؛ لأنهم شَاقُّوا الله ورسوله قال الزَّجَّاجُ جانبوا ، وصاروا في شقّ غير شقِّ المؤمنين والشِّقُّ الجانب و " شَاقوا اللَّهَ " مجاز ، والمعنى : شاقُّوا أولياءَ اللَّهِ ، ودين اللَّهِ .

ثم قال : { وَمَن يُشَاقِقِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّ الله شَدِيدُ العقاب } يعني أنَّ هذا الذي نزل بهم في ذلك اليَوْمِ شيءٌ قليلٌ بالنسبة لِمَا أعدَّ لهم من العقاب يوم القيامةِ .


[17212]:ينظر: البحر المحيط لأبي حيان 4/466.