تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ} (11)

وقوله : { وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ } أي : وليختبرَنّ الله الناس بالضراء والسراء ، ليتميز هؤلاء من هؤلاء ، ومن يطيع الله في الضراء والسراء ، إنما يطيعه في حظ نفسه ، كما قال تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ } [ محمد : 31 ] ، وقال تعالى بعد وقعة أحد ، التي كان فيها ما كان من الاختبار والامتحان : { مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ } الآية [ آل عمران : 179 ] ، [ والله أعلم ]{[22497]} .


[22497]:- زيادة من ف.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ} (11)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَيَعْلَمَنّ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنّ الْمُنَافِقِينَ } .

يقول تعالى ذكره : وليعلمنّ الله أولياء الله ، وحزبه أهل الإيمان بالله منكم أيها القوم ، وليعلمنّ المنافقين منكم حتى يميزوا كلّ فريق منكم من الفريق الاَخر ، بإظهار الله ذلك منكم بالمحن والابتلاء والاختبار وبمسارعة المسارع منكم إلى الهجرة من دار الشرك إلى دار الإسلام ، وتثاقل المتثاقل منكم عنها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ} (11)

خص بالذكر فريقان هما ممن شمله عموم قوله { العالمين } [ العنكبوت : 10 ] اهتماماً بهاذين الفريقين وحاليهما : فريق الذين آمنوا ، وفريق المنافقين لأن العلم بما في صدور الفريقين من إيمان ونفاق يترتب عليه الجزاء المناسب لحاليهما في العاجل والآجل ، فذلك ترغيب وترهيب .

ووجه تأكيد كلا الفعلين بلام القسم ونون التوكيد أن المقصود من هذا الخبر رد اعتقاد المنافقين أن الله لا يطلع رسوله على ما في نفوسهم ، فالمقصود من الخبرين هو ثانيهما أعني قوله { وليعلمن المنافقين } .

وأما قوله { وليعلمن الله الذين ءامنوا } فهو تمهيد لما بعده وتنصيص على عدم التباس الإيمان المكذوب بالإيمان الحق .

وفي هذا أيضاً إرادة المعنى الكنائي من العلم وهو مجازاة كل فريق على حسب ما علم الله من حاله .

وجيء في جانب هاذين بالفعل المضارع المستقبل إذ نون التوكيد لا يؤكد بها الخبر المثبت إلا وهو مستقبل ؛ إما لأن العلم مكنى به عن لازمه وهو مقابلة كل فريق بما يستحقه بحسب ما علم من حاله والمجازاة أمر مستقبل ، وإما لأن المراد علم بمستقبل وهو اختلاف أحوالهم يوم يجيء النصر ، فلعل من كانوا منافقين وقت نزول الآية يكونون مؤمنين يوم النصر ويبقى قوم على نفاقهم .

والمخالفة بين المؤمنين والمنافقين في التعبير عن الأولين بطريق الموصول والصلة الماضوية وعن الآخرين بطريق اللام واسم الفاعل لما يؤذن به الموصول من اشتهارهم بالإيمان وما يؤذن به الفعل الماضي من تمكن الإيمان منهم وسابقيته ، وما يؤذن به التعريف باللام من كونهم عُهِدوا بالنفاق وطريانه عليهم بعد أن كانوا مؤمنين ، ففيه تعريف بسوء عاقبتهم مع ما في ذلك من التفنن ورعاية الفاصلة .