تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِن كُنتُمۡ غَيۡرَ مَدِينِينَ} (86)

وقوله : { فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا } : معناه : فهلا تَرجعُون هذه النفس التي قد بلغت الحلقوم إلى مكانها الأول {[28173]} ، ومقرها في الجسد إن كنتم غير مدينين .

قال ابن عباس : يعني محاسبين . ورُوي عن مجاهد ، وعِكْرِمَة ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، والسُّدِّيّ ، وأبي حَزْرَة ، مثله .

وقال سعيد بن جُبَيْر ، والحسن البَصْرِي : { فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } غير مصدقين أنكم تُدانون وتبعثون وتجزون ، فردوا هذه النفس .

وعن مجاهد : { غَيْرَ مَدِينِينَ } غير موقنين .

وقال ميمون بن مِهْران : غير معذبين مقهورين .

هذه الأحوال الثلاثة هي أحوال الناس عند احتضارهم : إما أن يكون من المقربين {[28174]} ، أو يكون ممن دونهم من أصحاب اليمين . وإما أن يكون من المكذبين الضالين عن الهدى ، الجاهلين بأمر الله ؛ ولهذا قال تعالى : { فَأَمَّا إِنْ كَانَ من المقربين } .


[28173]:- (1) في م: "الأولى".
[28174]:- (2) في أ: "المقربين العلية".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِن كُنتُمۡ غَيۡرَ مَدِينِينَ} (86)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَأَمّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنّاتُ نَعِيمٍ } .

يقول تعالى ذكره : فهلاّ إن كنتم أيها الناس غير مدينين .

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : مَدِينِينَ فقال بعضهم : غير محاسبين . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ يقول : غير محاسبين .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : غِيرَ مَدِينِينَ قال : محاسبين .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ : أي محاسبين .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مدِينِينَ قال : كانوا يجحدون أن يُدانوا بعد الموت ، قال : وهو مالك يوم الدين ، يوم يُدان الناس بأعمالهم ، قال : يدانون : يحاسبون .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا أبو رجاء ، عن الحسن ، في قوله : فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيَرَ مَدِينِينَ قال : غير محاسبين .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا سليمان ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة فَلَوْلا إنْ كُمْتُمْ غَيَرَ مَدِينِينَ قال : غير مبعوثين ، غير محاسبين .

وقال آخرون : معناه : غير مبعوثين . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا هوذة ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ غير مبعوثين يوم القيامة ، ترجعونها إن كنتم صادقين .

وقال آخرون : بل معناه : غير مجزيين بأعمالكم .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : غير محاسبين فمجزيين بأعمالكم من قولهم : كما تدين تدان ، ومن قول الله : مالِكِ يَوْمِ الدّينِ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِن كُنتُمۡ غَيۡرَ مَدِينِينَ} (86)

وجملة { إن كنتم غير مدينين } معترضة أو حال من الواو في { ترجعونها } .