تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ مَفَازًا} (31)

يقول تعالى مخبرًا عن السعداء وما أعد لهم تعالى من الكرامة والنعيم المقيم ، فقال : { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا } قال ابن عباس والضحاك : متنزها . وقال مجاهد ، وقتادة : فازوا ، فنجوا من النار . الأظهر هاهنا قولُ بن عباس ؛ لأنه قال بعده : { حَدَائِقَ }

وهي البساتين من النخيل وغيرها

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ مَفَازًا} (31)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ لِلْمُتّقِينَ مَفَازاً * حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً * وَكَأْساً دِهَاقاً * لاّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذّاباً } .

يقول : إن للمتقين مَنجًى من النار إلى الجنة ، ومخلصا منهم لهم إليها ، وظفرا بما طلبوا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد إنّ لِلْمُتّقِينَ مَفازا قال : فازوا بأن نَجَوا من النار .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة إنّ لِلْمُتقِينَ مَفازا : إي والله مفازا من النار إلى الجنة ، ومن عذاب الله إلى رحمته .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : إنّ لِلْمُتّقِينَ مَفازا قال : مفازا من النار إلى الجنة .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : إنّ لِلْمُتّقِينَ مَفازا يقول : مُنْتَزها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ مَفَازًا} (31)

جرى هذا الانتقال على عادة القرآن في تعقيب الإِنذار للمنذَرين بتبشير من هم أهل للتبشير .

فانتقل من ترهيب الكافرين بما سيلاقونه إلى ترغيب المتقين فيما أُعدَّ لهم في الآخرة من كرامة ومن سلامة مما وقع فيه أهل الشرك .

فالجملة متصلة بجملة { إن جهنّم كانت مرصاداً للطاغين مئاباً } [ النبأ : 21 22 ] وهي مستأنفة استئنافاً ابتدائياً بمناسبة مُقتضِي الانتقال .

وافتتاحها بحرف { إنَّ } للدلالة على الاهتمام بالخبر لئلا يشك فيه أحد .

والمقصود من المتقين المؤمنون الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم واتبعوا ما أمرهم به واجتنبوا ما نهاهم عنه لأنهم المقصود من مقابلتهم بالطاغين المشركين .

والمفاز : مكان الفوز وهو الظفَر بالخير ونيل المطلوب . ويجوز أن يكون مصدراً ميمياً بمعنى الفوز ، وتنوينُه للتعظيم .

وتقديم خبر { إن } على اسمها للاهتمام به تنويهاً بالمتقين .

والمراد بالمفاز : الجنة ونعيمها . وأوثرت كلمة { مفازاً } على كلمة : الجنة ، لأن في اشتقاقه إثارة الندامة في نفوس المخاطبين بقوله : { فتأتون أفواجاً } [ النبأ : 18 ] وبقوله : { فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً } [ النبأ : 30 ] .