تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَأۡسٗا دِهَاقٗا} (34)

وقوله : { وَكَأْسًا دِهَاقًا } قال ابن عباس : مملوءة متتابعة . وقال عكرمة : صافية . وقال مجاهد ، والحسن وقتادة ، وابن زيد : { دهاقا } الملأى المترعة . وقال مجاهد{[29670]} وسعيد بن جبير : هي المتتابعة .


[29670]:- (2) في م: "وقال قتادة".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَأۡسٗا دِهَاقٗا} (34)

وقوله : وكأْسا دِهاقا يقول : وكأسا ملأى متتابعة على شاربيها بكثرة وامتلاء وأصله من الدّهْق : وهو متابعة الضغط على الإنسان بشدّة وعنف ، وكذلك الكأس الدهاق : متابعتها على شاربيها بكثرة وامتلاء . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا مروان ، قال : حدثنا أبو يزيد يحيى بن ميسرة ، عن مسلم بن نَسْطاس ، قال : قال ابن عباس لغلامه : اسقني دِهاقا ، قال : فجاء بها الغلام ملأى ، فقال ابن عباس : هذا الدّهاق .

حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : حدثنا موسى بن عمير ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قوله : كأْسا دِهاقا قال : ملأى .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : أخبرني سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن عمرو بن دينار ، قال : سمعت ابن عباس يُسئل عن كأُسا دِهاقا قال : داركا ، قال يونس ، قال ابن وهب : الذي يَتْبع بعضهُ بعضا .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وكأُسا دِهاقا يقول : ممتلئا .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : حدثنا حميد الطويل ، عن ثابت البُنَانيّ ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، في قوله : كأُسا دِهاقا قال : دمادم .

قال : ثنا ابن علية ، قال : حدثنا أبو رجاء ، عن الحسن ، في قوله : وكأْسا دِهاقا قال : مَلأى .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن يونس ، عن الحسن وكأْسا دِهاقا قال : المَلأَى .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وكأْسا دِهاقا قال : مَلأَى .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبي عديّ ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن سعيد بن أبي عَرُوبة ، عن قتادة ، في قوله : وكأْسا دِهاقا قال : مُتْرَعةَ مْلأَى .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وكأْسا دِهاقا قال : الدهاق : المَلأَى المُتْرَعة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : كأْسا دِهاقا قال : الدهاق : الممتلئة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : كأْسا دِهاقا قال : الدّهاق المملوءة .

وقال آخرون : الدّهاق : الصافية . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن يحيى الأزديّ وعباس بن محمد ، قالا : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قال : حدثنا عمر بن عطاء ، عن عكرِمة ، في قوله : وكأْسا دِهاقا قال : صافية .

وقال آخرون : بل هي المتتابعة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : قال سعيد بن جُبير في قوله : وكأْسا دِهاقا دهاقا : المتتابعة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وكأْسا دِهاقا قال : المتتابع .

حدثنا عمرو بن عبد الحميد ، قال : حدثنا جرير ، عن حصين ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، في قوله : وكأْسا دِهاقا قال : الملأَى المتتابعة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : وكأْسا دِهاقا قال : المتتابعة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكَأۡسٗا دِهَاقٗا} (34)

والكأس : إناء معدّ لشرب الخمر وهو اسم مؤنث تكون من زجاج ومن فضة ومن ذهب ، وربما ذكر في كتب اللغة أن الكأس الزجاجة فيها الشرابُ ، ولم أقف على أن لها شكلاً معيّناً يميزها عن القَدَح وعن الكُوب وعن الكوز ، ولم أجد في قواميس اللغة التعريف بالكأس بأنها : إناء الخمر وأنها الإِناء ما دام فيه الشراب .

وهذا يقتضي أنها لا تختص بصنف من الآنية .

وقد يطلقون على الخمر اسم الكأس وأريد بالكأس الجنس إذا المعنى : وأكؤساً . وعُدل عن صيغة الجمع لأن كأساً بالإفراد أخف من أكؤس وكؤوس ولأن هذا المركّب جرى مجرى المثل كما سيأتي .

ودهاق : اسم مصدر دهق من باب جعل أو اسم مصدر أدهق ، ولكونه في الأصل مصدراً لم يقترن بعلامة تأنيث .

والدهق والإِدهاق ملء الإِناء من كثرة ما صبّ فيه .

ووصفُ الكأس بالدهق من إطلاق المصدر على المفعول كالخلق بمعنى المخلوق فإن الكأس مدهقة لا داهقة .

ومركب ( كأس دهاق ) يَجري مجرى المثل قال عِكرمة : قال ابن عباس : سمعتُ أبي في الجاهلية يقول : اسْقِنَا كأساً دِهاقاً ، ولذلك أفرد كأساً ، ومعناه مملوءة خمراً ، أي دون تقتير لأن الخمر كانت عزيزة فلا يكيل الحَانَوِي للشارب إلا بمقدار فإذا كانت الكأس ملأى كان ذلك أسر للشارب .