تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٖ مُّقِيمٍ} (76)

وقوله : { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ } أي : وإن قرية سدوم التي أصابها ما أصابها من القلب الصوري والمعنوي ، والقذف بالحجارة ، حتى صارت بحيرة{[16220]} منتنة خبيثة لبطريق مَهْيَع مسالكه{[16221]} مستمرة إلى اليوم ، كما قال تعالى : { وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ وَبِالَّليْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ } [ الصافات : 137 ، 138 ]

وقال مجاهد ، والضحاك : { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ } قال : مُعَلَّم . وقال قتادة : بطريق واضح . وقال قتادة أيضًا : بصقع من الأرض واحد .

وقال السدي : بكتاب مبين ، يعني كقوله : { وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ } [ يس : 12 ] ولكن ليس المعنى على ما قال هاهنا ، والله أعلم .


[16220]:في ت: "بخرة"، وفي أ: "بخرة".
[16221]:في ت، أ: "سالكة".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٖ مُّقِيمٍ} (76)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِنّهَا لَبِسَبِيلٍ مّقِيمٍ * إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ } .

يقول تعالى ذكره : وإن هذه المدينة ، مدينة سَدُوم ، لبطريق واضح مقيم يراها المجتاز بها لا خفاء بها ، ولا يبرح مكانها ، فيجهل ذو لبّ أمرها ، وغبّ معصية الله ، والكفر به .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، وحدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَإنّها لَبِسَبِيلِ مُقِيمٍ قال : لبطريق معلم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَإنّها لَبِسَبِيلِ مُقِيمٍ يقول : بطريق واضح .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : وَإنّها لَبِسَبِيلِ مُقِيمٍ قال : طريق السبيل : الطريق .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : لَبِسَبِيلِ مُقِيمٍ يقول : بطريق معلم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٖ مُّقِيمٍ} (76)

{ وإنها } وإن المدينة أو القرى . { لبسبيل مقيم } ثابت يسلكه الناس ويرون آثارها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٖ مُّقِيمٍ} (76)

والضمير في قوله { وإنها } يحتمل أن يعود على المدينة المهلكة ؛ أي أنها في طريق ظاهر بين للمعتبر ، وهذا تأويل مجاهد وقتادة وابن زيد ، ويحتمل أن يعود على الآيات ، ويحتمل أن يعود على الحجارة ، ويقوي هذا التأويل ما روي أن النبي عليه السلام قال : «إن حجارة العذاب معلقة بين السماء والأرض منذ ألفي سنة لعصاة أمتي »{[4]} .


[4]:- هو أبو هاشم المكي الليثي، وردت الرواية عنه في حروف القرآن، يروي عن أبيه ابن عمر.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٖ مُّقِيمٍ} (76)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وإنها لبسبيل مقيم}، يعني قرى لوط التي أهلكت بطريق مستقيم، يعن: واضح مقيم يمر عليها أهل مكة وغيرهم، وهي بين مكة والشام.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وإن هذه المدينة، مدينة سَدُوم، لبطريق واضح مقيم يراها المجتاز بها لا خفاء بها، ولا يبرح مكانها، فيجهل ذو لبّ أمرها، وغبّ معصية الله، والكفر به... عن مجاهد، قوله:"وَإنّها لَبِسَبِيلِ مُقِيمٍ" قال: لبطريق معلم...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

..أي طريق دائم...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

معناه: إن الاعتبار بها ممكن لأن الآيات التي يستدل بها مقيمة ثابتة بها وهي مدينة سدوم، والهاء كناية عن المدينة التي أهلكها الله.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{وَإِنَّهَا} وإنّ هذه القرى يعني آثارها {لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ} ثابت يسلكه الناس لم يندرس بعد، وهم يبصرون تلك الآثار، وهو تنبيه لقريش كقوله: {وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ} [الصافات: 137].

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ثم بين أن ذلك غير خفي عنهم ولا بعيد عمن أراد الاتعاظ به، فقال جعلاً لهم -لعدم اعتبارهم بها مع رؤيتهم إياها في كل حين- في عداد المنكرين: {وإنها} أي هذه المدائن {لبسبيل مقيم} أي ثابت، وهو مع ذلك مبين، فالاعتبار بها في غاية السهولة لقومك، وكانوا يمرون عليها في بعض أسفارهم إلى الشام.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

..والمقيم: أصله الشخص المستقرّ في مكانه غير مرتحل. وهو هنا مستعار لآثار المدينة الباقية في المكان بتشبيهه بالشخص المقيم.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

وذلك لأن هذه سنة مستقيمة غير متخلفة؛ ولذا قال تعالى: {وإنها لبسبيل مقيم}.. الضمير في (إنها) يعود على الآيات، أي وإن هذه الآيات لثابتة بطريق مستقيم مقيم لا يتخلف أبدا، فإنها سنة الله تعالى في خلقه وحكمته البالغة في أمره؛ ولذا قال تعالى: {إن في ذلك لآية للمؤمنين}، أي إن في هذا الأمر المذكور بما فيه قصة لوط لآية أي لعبرة للمؤمنين، أي للذين أوتوا قلوبا مؤمنة مذعنة للحق،، معترفة لا تمارى في الحق، ولا تجادل في الله تعالى، وهو العليم الحكيم. وهنا نلاحظ أن الآيات ذكرت بلفظ الجمع في قوله تعالى: {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} وهنا ذكرت بالمفرد في قوله تعالى: {إن في ذلك لآية للمؤمنين} فما السر في ذلك؟. إن الذي يبدو لنا، أن المتوسمين المتفكرين بين أيديهم الآيات الكثيرة يدرسونها، فكانت الآيات بالجمع موضع الدراسة والفحص، أما بالنسب للمؤمنين فالأمر فيها هو العبرة، وهي أمر واحد مأخوذ من مجموع الآيات المتضافرة التي هي موضع الدراسة، ومع تعدها العبرة واحدة.