تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا سِجِّينٞ} (8)

أي : هو أمر عظيم ، وسجن مقيم وعذاب أليم .

ثم قد قال قائلون : هي تحت الأرض السابعة . وقد تقدم في حديث البراء بن عازب ، في حديثه الطويل : يقول الله عز وجل في روح الكافر : اكتبوا كتابه في سجين .

وسجين : هي تحت الأرض السابعة . وقيل : صخرة تحت السابعة خضراء . وقيل : بئر في جهنم .

وقد روى ابن جرير في ذلك حديثا غريبا منكرا لا يصح فقال : حدثنا إسحاق بن وهب الواسطي ، حدثنا مسعود بن موسى بن مُشكان الواسطي ، حدثنا نَصر بن خُزَيمة الواسطي ، عن شعيب بن صفوان ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الفلق : جب في جهنم{[29844]} مغطى ، وأما سجين فمفتوح " {[29845]} .

والصحيح أن " سجينا " مأخوذ من السَّجن ، وهو الضيق ، فإن المخلوقات كل ما تسافل منها ضاق ، وكل ما تعالى منها اتسع ، فإن الأفلاك السبعة كل واحد منها أوسع وأعلى من الذي دونه ، وكذلك الأرضون كل واحدة أوسع من التي دونها ، حتى ينتهي السفول المطلق والمحل الأضيق إلى المركز في وسط الأرض السابعة . ولما كان مصير الفجار إلى جهنم وهي أسفل السافلين ، كما قال تعالى : { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [ التين ] : 5 ، 6 ] . وقال هاهنا : { كَلا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } وهو يجمع الضيق والسفول ، كما قال : { وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا } [ الفرقان : 13 ] .


[29844]:- (1) في م: "في وادي جهنم".
[29845]:- (2) تفسير الطبري (30/61).