وسجين هو ما فسره به سبحانه من قوله : { وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجّينٌ * كتاب مَّرْقُومٌ } فأخبر بهذا أنه كتاب مرقوم : أي مسطور ، قيل : هو كتاب جامع لأعمال الشرّ الصادر من الشياطين والكفرة والفسقة ، ولفظ سجين علم له .
وقال قتادة وسعيد بن جبير ومقاتل وكعب : إنه صخرة تحت الأرض السابعة تقلب ، فيجعل كتاب الفجار تحتها ، وبه قال مجاهد ، فيكون في الكلام على هذا القول مضاف محذوف ، والتقدير : محل كتاب مرقوم . وقال أبو عبيدة والأخفش والمبرد والزجاج { لَفِي سِجّينٍ } : لفي حبس وضيق شديد ، والمعنى : كأنهم في حبس ، جعل ذلك دليلاً على خساسة منزلتهم وهوانها . قال الواحدي : ذكر قوم أن قوله : { كتاب مَّرْقُومٌ } تفسير لسجين ، وهو بعيد لأنه ليس السجين من الكتاب في شيء على ما حكيناه عن المفسرين ، والوجه أن يجعل بياناً لكتاب المذكور في قوله : { إِنَّ كتاب الفجار } على تقدير هو كتاب مرقوم : أي مكتوب قد بينت حروفه انتهى ، والأولى ما ذكرناه ، ويكون المعنى : إن كتاب الفجار الذين من جملتهم المطففون : أي ما يكتب من أعمالهم أو كتابة أعمالهم لفي ذلك الكتاب المدوّن للقبائح المختصّ بالشر ، وهو سجين . ثم ذكر ما يدل على تهويله وتعظيمه ، فقال : { وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجّينٌ } ثم بيّنه بقوله : { كتاب مَّرْقُومٌ } . قال الزجاج : معنى قوله : { وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجّينٌ } ليس ذلك مما كنت تعلمه أنت ولا قومك . قال قتادة : ومعنى { مرقوم } : رقم لهم بشرّ كأنه أعلم بعلامة يعرف بها أنه كافر . وكذا قال مقاتل . وقد اختلفوا في نون سجين ، فقيل : هي أصلية واشتقاقه من السجن ، وهو الحبس ، وهو بناء مبالغة كخمير وسكير وفسيق ، من الخمر والسكر والفسق . وكذا قال أبو عبيدة والمبرد والزجاج . قال الواحدي : وهذا ضعيف لأن العرب ما كانت تعرف سجيناً . ويجاب عنه : بأنه رواية هؤلاء الأئمة تقوم بها الحجة ، وتدل على أنه من لغة العرب ، ومنه قول ابن مقبل :
ورفقة يضربون البيض ضاحية *** ضرباً تواصت به الأبطال سجينا
وقيل : النون بدل من اللام ، والأصل سجيل ، مشتقاً من السجل ، وهو الكتاب . قال ابن عطية : من قال إن سجيناً موضع فكتاب مرفوع على أنه خبر إن ، والظرف وهو قوله : { لَفِي سِجّينٍ } ملغى ، ومن جعله عبارة عن الكتاب ، فكتاب خبر مبتدأ محذوف ، التقدير : هو كتاب ، ويكون هذا الكلام مفسراً لسجين ما هو ؟ كذا قال . قال الضحاك : مرقوم مختوم بلغة حمير ، وأصل الرقم الكتابة . قال الشاعر :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.