" وإذا الرسل أقتت " أي جمعت لوقتها ليوم القيامة ، والوقت الأجل الذي يكون عنده الشيء المؤخر إليه ، فالمعنى : جعل لها وقت وأجل للفصل والقضاء بينهم وبين الأمم ، كما قال تعالى : " يوم يجمع الله الرسل " [ المائدة : 109 ] . وقيل : هذا في الدنيا أي جمعت الرسل لميقاتها الذي ضرب لها في إنزال العذاب بمن كذبهم بأن الكفار ممهلون . وإنما تزول الشكوك يوم القيامة . والأول أحسن ؛ لأن التوقيت معناه شيء يقع يوم القيامة ، كالطمس ونسف الجبال وتشقيق السماء ولا يليق به . التأقيت قبل يوم القيامة . قال أبو علي : أي جعل يوم الدين والفصل لها وقتا . وقيل : أقتت وعدت وأجلت . وقيل : " أقتت " أي أرسلت لأوقات معلومة على ما علمه الله وأراد . والهمزة{[15718]}في " أقتت " بدل من الواو ، قاله الفراء والزجاج . قال الفراء : وكل واو ضمت وكانت ضمتها لازمة جاز أن يبدل منها همزة ، تقول : صلى القوم إحدانا تريد وحدانا ، ويقولون هذه وجوه حسان و[ أجوه ]{[15719]} . وهذا لأن ضمة الواو ثقيلة . ولم يجز البدل في قوله : " ولا تنسوا الفضل بينكم " [ البقرة : 237 ] لأن الضمة غير لازمة .
وقرأ أبو عمرو وحميد والحسن ونصر . وعن عاصم ومجاهد " وقتت " بالواو وتشديد القاف على الأصل . وقال أبو عمرو : وإنما يقرأ " أقتت " من قال في وجوه أجوه . وقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج " وقتت " بالواو وتخفيف القاف . وهو فعلت من الوقت ومنه " كتابا موقوتا " . وعن الحسن أيضا : " ووقتت " بواوين ، وهو فوعلت من الوقت أيضا مثل عوهدت . ولو قلبت الواو في هاتين القراءتين ألفا لجاز . وقرأ يحيى وأيوب وخالد بن إلياس وسلام " أقتت " بالهمزة والتخفيف ؛ لأنها مكتوبة في المصحف بالألف .
ولما ذكر تغيير السماء والأرض ، ذكر ما{[70852]} فعل ذلك لأجله فقال : { وإذا الرسل } أي الذي أنذروا الناس ذلك اليوم فكذبوهم { أقتت * } أي بلّغها الذي لا قدير{[70853]} سواه بأيسر أمر ميقاتَها الذي كانت تنتظره ، وهو وقت قطع الأسباب وإيقاع الرحمة والثواب للأحباب والنقمة والعقاب للأعداء بشهادتهم بعد جمعهم على الأمم بما كان منهم من الجواب ، وحذف العامل في " إذا " تهويلاً له{[70854]} لتذهب النفس فيه كل مذهب ، فيمكن أن يكون تقديره : وقع ما توعدون فرأيتم من هذا الوعيد ما لا يحتمل ولا يثبت لوصفه العقول ، وعلى ذلك دل قوله {[70855]}ملقناً لما{[70856]} ينبغي أن يقال : وهو{[70857]} { لأيّ يوم } أي عظيم { أجلت * } أي وقع تأجيلها به ، بناه للمفعول لأن المقصود تحقيق الأجل لا كونه من معين ، وتنبيهاً على أن المعين له معلوم{[70858]} أنه الله الذي لا يقدر عليه سواه{[70859]} ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.