اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتۡ} (11)

قوله : { وَإِذَا الرسل أُقِّتَتْ } . قرأ أبو عمرو{[59022]} : «وقِّتَتْ » بالواو ، والباقون : بهمزة بدل الواو . قالوا : والواو هي الأصل ؛ لأنه من الوقت ، والهمزة بدل منها لأنها مضمومة ضمة لازمة ، وكل واو انضمت وكانت ضمتها لازمة تبدل على الاطراد همزة أولاً ، تقول : صلى القوم إحداناً ، تريد : وِحدَاناً ، وهذه أجوه حسان ؛ لأن ضمة الواو ثقيلة وبعدها واو فالجمع بينهما يجري مجرى المثلين فيكون ثقيلاً ، ولم يجز البدل في قوله تعالى { وَلاَ تَنسَوُاْ الفضل بَيْنَكُمْ } [ البقرة : 237 ] ؛ لأن الضمة غير لازمة ، قال الفراء . وقد تقدم ذكر ذلك أول الكتاب .

فصل في المراد بالتأقيت

قال مجاهد والزجاج : المراد بهذا التأقيت تبيين الوقت الذي تحضرون فيه للشهادة على أممكم ، أي : جمعت لوقتها ليوم القيامة ، والوقت : الأجل الذي يكون عنده الشيء المؤخر إليه ، فالمعنى : جعل لها وقت وأجل للفصل والقضاء بينهم وبين الأمم ، كقوله تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل } [ المائدة : 109 ] .

وقيل : المراد بهذا التأقيت تحصيل الوقت وتكوينه ، وليس في اللفظ بيان أنه يحصل لوقت أي شيء ، ولم يبينه ليذهب الوهم إلى كل جانب ، فيكون التهويل فيه أشد ، فيحتمل أن يكون المراد تكوين وقت جمعهم للفوز بالثواب ، وأن يكون وقت سؤال الرسل عما أجيبوا به ، وسؤال الأمم عما أجابوا هم لقوله تعالى : { فَلَنَسْأَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ المرسلين } [ الأعراف : 6 ] ، وأن يكون وقت مشاهدة الجنة والنار وسائر أحوال القيامة ، وقيل : «أقِّتَتْ » أي : أرسلت لأوقات معلومة على ما علمه الله وأراده .

فصل في قراءات الآية

قرأ أبو جعفر{[59023]} وشيبة : بالواو وتخفيف القاف وهو «فعلت » من الوقت ، ومنه { كِتَاباً مَّوْقُوتاً } [ النساء : 103 ] .

وقرئ - أيضاً - : «وُوقتت » - بواوين - ، وهو «فوعلت » من الوقت أيضاً مثل : عُوهِدَت .

قال القرطبي{[59024]} : «ولو قلبت الواو في هاتين القراءتين ألفاً لجاز ، وقد قرأ يحيى وأيوب{[59025]} وخالد بن إلياس وسلام : » أقِتَتْ «بالهمز والتخفيف ؛ لأنها مكتوبة في المصحف بالألف » .


[59022]:ينظر: السبعة 666، والحجة 6/364، وإعراب القراءات 2/428، وحجة القراءات 742.
[59023]:ينظر: المحرر الوجيز 5/418، وقال: وهي قراءة ابن مسعود والحسن، وينظر: البحر المحيط 8/396.
[59024]:الجامع لأحكام القرآن 19/103.
[59025]:ينظر: البحر المحيط 8/396، ونسبها إلى النخعي والحسن، وعيسى، وخالد.