المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا خُلُقُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (137)

137- ما هذا الذي جئتنا به إلا كذب الأولين وأباطيلهم ، اعتادوا تلفيق مثله ، فلا نرجع عما نحن فيه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا خُلُقُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (137)

قوله تعالى : { إن هذا } ما هذا ، { إلا خلق الأولين } قرأ ابن كثير ، وأبو جعفر ، وأبو عمرو ، والكسائي ، ويعقوب : { خلق } بفتح الخاء وسكون اللام ، أي : اختلاق الأولين وكذبهم ، دليل هذه القراءة قوله تعالى : { وتخلقون إفكاً } وقرأ الآخرون { خلق } بضم الخاء واللام ، أي : عادة الأولين من قبلنا ، وأمرهم أنهم يعيشون ما عاشوا ثم يموتون ولا بعث ولا حساب{ وما نحن بمعذبين* فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين* وإن ربك لهو العزيز الرحيم } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا خُلُقُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (137)

( إن هذا إلا خلق الأولين . . وما نحن بمعذبين ) . .

فحجتهم فيما هم عليه ، وفيما يستنكره عليهم هود ، أنه خلق الأولين ونهجهم . وهم يسيرون على نهج الأولين !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا خُلُقُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (137)

{ إن هذا إلا خلق الأولين } ما هذا الذي جئتنا به إلا كذب الأولين ، أو ما خلقنا هذا إلا خلقهم نحيا ونموت مثلهم ولا بعث ولا حساب ، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة " خلق الأولين " بضمتين أي ما هذا الذي جئت به إلا عادة الأولين كانوا يلفقون مثله ، أو ما هذا الذي نحن عليه من الدين إلا خلق الأولين وعادتهم ونحن بهم مقتدون ، أو ما هذا الذي نحن عليه من الحياة والموت إلا عادة قديمة لم تزل الناس عليها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا خُلُقُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (137)

ثم قالوا { إن هذا إلا خلق الأولين } ، واختلفت القراءة في ذلك ، فقرأ نافع وعاصم وحمزة وابن عامر «خلُق » بضم اللام فالإشارة بهذا إلى دينهم وعبادتهم وتخرقهم في المصانع ، أي هذا الذي نحن عليه خلق الناس وعادتهم وما بعد ذلك بعث ولا تعذيب كما تزعم أنت ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي وأبو قلابة «خُلْق الأولين » بضم الخاء وسكون اللام ورواها الأصمعي عن نافع ، وقرأ أبو جعفر وأبو عمرو «وخَلْق الأولين » بفتح الخاء وسكون اللام وهي قراءة ابن مسعود وعلقمة والحسن ، وهذا يحتمل وجهين : أحدهما وما هذا الذي تزعمه إلا اختلاق الأولين من الكذبة قبلك وكذبهم فأنت على منهاجهم ، والثاني أن يريدوا وما هذه البنية التي نحن عليها إلا البنية التي عليها الأولون حياة وموت وما ثم بعث ولا تعذيب ، وكل معنى مما ذكرته تحتمله كل قراءة ، وروى علقمة عن ابن مسعود «إلا اختلاق الأولين » وباقي الآية قد مضى تفسيره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا خُلُقُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (137)

جملة : { إن هذا إلا خلق الأولين } تعليل لمضمون جملة : { سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين } ، أي كان سواءً علينا فلا نتَّبع وعظَك لأن هذا خلق الأولين . والإشارة ب { هذا } إلى شيء معلوم للفريقين حاصل في مقام دعوة هود إياهم ، وسيأتي بيانه .

وقوله : { خلق الأولين } قرأه نافع وابن كثير وابن عامر وحمزة وعاصم وخلَف بضم الخاء وضم اللام . وقرأه ابن كثير وأبو عمرو والكسائي وأبو جعفر ويعقوبُ بفتح الخاء وسكون اللام .

فعلى قراءة الفريق الأول { خُلُقُ } بضمتين ، فهو السجية المتمكنة في النفس باعثة على عمل يناسبها من خير أو شر وقد فُسّر بالقوى النفسية ، وهو تفسير قاصر فيشمل طبائع الخير وطبائع الشر ، ولذلك لا يُعرَف أحدُ النوعين من اللفظ إلا بقيد يضم إليه فيقال : خُلُق حسَن ، ويقال في ضده : سوء خُلُق ، أو خُلُق ذميم ، قال تعالى : { وإنك لعلى خُلُق عظيم } [ القلم : 4 ] . وفي الحديث : " وخَالِقِ الناسَ بخُلُق حسن " .

فإذا أطلق عن التقييد انصرف إلى الخُلُق الحسن ، كما قال الحريري في « المقامة التاسعة » « وخُلُقي نعم العَون ، وبيني وبينَ جاراتي بَوْن » أي في حسن الخلق .

والخلق في اصطلاح الحكماء : ملكة ( أي كيفية راسخة في النفس أي متمكنة من الفكر ) تصدر بها عن النفس أفعال صاحبها بدون تأمل .

فخلق المرء مجموع غرائز ( أي طبائع نفسية ) مؤتلفة من انطباع فكري : إما جبليّ في أصل خلقته ، وإما كسبي ناشىء عن تمرّن الفكر عليه وتقلُّده إياه لاستحسانه إياه عن تجربة نفعه أو عن تقليد ما يشاهده من بواعث محبة ما شاهد . وينبغي أن يسمى اختياراً من قول أو عمل لذاته ، أو لكونه مِن سيرة من يُحبه ويقتدي به ويسمى تقليداً ، ومحاولته تسمى تخلقاً . قال سالم بن وابصة :

عليك بالقصيد فيما أنتَ فاعله *** إن التخلُّق يأتي دونَه الخُلُق

فإذا استقر وتمكن من النفس صار سجية له يجري أعماله على ما تمليه عليه وتأمره به نفسه بحيث لا يستطيع ترك العمل بمقتضاها ، ولو رام حملَ نفسه على عدم العمل بما تمليه سجيته لاستصغر نفسه وإرادته وحقر رأيه . وقد يتغير الخلق تغييراً تدريجياً بسبب تجربة انجرار مضرة من داعيه ، أو بسبب خوف عاقبة سيئة من جرّائه بتحذيرِ مَن هو قدوة عنده لاعتقاد نصحه أو لخوف عقابه . وأول ذلك هو المواعظ الدينية .

ومعنى الآية على هذا يجوز أن يكون المحكيُّ عنهم أرادوا مدحاً لما هم عليه من الأحوال التي أصروا على عدم تغييرها فيكون أرادوا أنها خُلُق أسلافهم وأسوتهم فلا يقبلوا فيه عذلاً ولا ملاماً ، كما قال تعالى عن أمثالهم { تريدون أن تصدّونا عما كان يعبد آباؤنا } [ إبراهيم : 10 ] . فالإشارة تنصرف إلى ما هم عليه الذي نهاهم عنه رسولُهم .

ويجوز أن يكونوا أرادوا ما يَدعو إليه رسولهم : أي ما هو إلا من خلُق أناس قبله ، أي من عقائدهم وما راضوا عليه أنفسهم وأنه عبر عليها وانتحلها ، أي ما هو بإذن من الله تعالى كما قال مشركو قريش { إنْ هذا إلا أساطير الأولين } [ الأنعام : 25 ] والإشارة إلى ما يدعوهم إليه .

وأما على قراءة الفريق الثاني فالخَلْق بفتح الخاء وسكون اللام مصدر هو الإنشاء والتكوين ، والخلق أيضاً مصدر خلق ، إذا كذب في خبره ، ومنه قوله تعالى : { وتخلُقون إفكاً } [ العنكبوت : 17 ] . وتقول العرب : حدثنا فلان بأحاديث الخَلْق وهي الخرافات المفتعلة ، ويقال له : اختلاق بصيغة الافتعال الدالة على التكلف والاختراع ، قال تعالى : { إن هذا إلاّ اختلاق } [ ص : 7 ] وذلك أن الكاذب يخلُق خبراً لم يقع .

فيجوز أن يكون المعنى أن ما تزعمه من الرسالة عن الله كذب وما تخبرنا من البعث اختلاق ، فالإشارة إلى ما جاء به صالح .

ويجوز أن يكون المعنى أنَّ حياتنا كحياة الأولين نحيا ثم نموت ، فالكلام على التشبيه البليغ وهو كناية عن التكذيب بالبعث الذي حذرهم جزاءَه في قوله : { إني أخاف عليكم عَذابَ يوم عظيم } [ الشعراء : 135 ] يقولون : كما مات الأولون ولم يبعث أحد منهم قط فكذلك نحيا نحن ثم نموت ولا نبعث . وهذا كقول المشركين { ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين } [ الجاثية : 25 ] فالإشارة في قوله : { إن هذا إلا خلق الأولين } إلى الخَلق الذي هم عليه كما دل عليه المستنثى . فهذه أربعة معان واحد منها مدح ، واثنان ذم ، وواحد ادعاء .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا خُلُقُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (137)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{إن هذا إلا خلق الأولين} يعني: ما هذا العذاب الذي يقول هود إلا أحاديث الأولين.

تفسير الشافعي 204 هـ :

- سئل الشافعي: هل تسمع شهادة الخالق؟ قال: لا، ولا روايته. والخالق: الكاذب، قال الله تعالى: {إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ اَلاَوَّلِينَ}. (مناقب الإمام الشافعي ص: 221.)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"إنْ هَذَا إلاّ خُلُقُ الأوّلِينَ" اختلفت القرّاء في قراءة ذلك؛ فقرأته عامة قرّاء المدينة سوى أبي جعفر، وعامة قرّاء الكوفة المتأخرين منهم: "إنْ هَذَا إلاّ خُلُقُ الأوّلِينَ "من قبلنا: وقرأ ذلك أبو جعفر، وأبو عمرو بن العلاء: «إنْ هَذَا إلا خَلْقُ الأوّلِينَ» (بفتح الخاء وتسكين اللام) بمعنى: ما هذا الذي جئتنا به إلا كذب الأوّلين وأحاديثهم.

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، نحو اختلاف القرّاء في قراءته؛ فقال بعضهم: معناه: ما هذا إلا دين الأوّلين وعادتهم وأخلاقهم... عن قَتادة قوله "إنْ هَذَا إلاّ خُلُقُ الأوّلِينَ" يقول: هكذا خِلْقة الأوّلين، وهكذا كانوا يحيون ويموتون.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ما هذا إلا كذب الأوّلين وأساطيرهم... عن ابن مسعود: "إنْ هَذَا إلاّ خُلُقُ الأوّلِينَ" يقول: إن هذا إلا اختلاق الأوّلين...

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب: قراءة من قرأ "إنْ هَذَا إلاّ خُلُقُ الأوّلِينَ" (بضمّ الخاء واللام)، بمعنى: إن هذا إلا عادة الأوّلين ودينهم... لأنهم إنما عُوتبوا على البنيان الذي كانوا يتخذونه، وبطشهم بالناس بطش الجبابرة، وقلة شكرهم ربهم فيما أنعم عليهم، فأجابوا نبيهم بأنهم يفعلون ما يفعلون من ذلك، احتذاءً منهم سنة من قبلهم من الأمم، واقتفاءً منهم آثارهم، فقالوا: ما هذا الذي نفعله إلا خُلق الأوّلين، يَعنون بالخُلق: عادةَ الأوّلين. ويزيد ذلك بيانا وتصحيحا لما اخترنا من القراءة والتأويل، قولهُم: "وَما نَحْنُ بِمُعَذّبِينَ" لأنهم لو كانوا لا يُقرّون بأن لهم ربا يقدر على تعذيبهم، ما قالوا "وَما نَحْنُ بِمَعَذّبِينَ" بل كانوا يقولون: إن هذا الذي جئتنا به يا هود إلا خلق الأوّلين، وما لنا من معذّب يعذّبنا، ولكنهم كانوا مقرّين بالصانع، ويعبدون الآلهة، على نحو ما كان مشركو العرب يعبدونها، ويقولون إنّها تُقَرّبُنا إلى اللّهِ زُلْفَى، فلذلك قالوا لهود وهم منكرون نبوّته: "سَوَاءٌ عَلَيْنا أوَعَظْتَ أمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الَواعِظِينَ" ثم قالوا له: ما هذا الذي نفعله إلا عادة من قبلنا وأخلاقهم، وما الله معذّبنا عليه، كما أخبرنا تعالى ذكره عن الأمم الخالية قبلنا، أنهم كانوا يقولون لرسلهم: "إنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمّةٍ وَإنّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ".

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قيل: فيه وجوه: أحدهما: أي ما هذا الذي نحن عليه إلا دين الأولين، وما أوتيت أنت، وتدعونا إليه، هو حادث بديع، والخلق يجوز أن يكنى به عن الدين كقوله: {لا تبديل لخلق الله} [الروم: 30] أي لدين الله...ومن قرأ {خُلق الأولين} (بضم الخاء) أراد عادتهم وشأنهم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

من قرأ: خلق الأوّلين بالفتح، فمعناه: أنّ ما جئت به اختلاق الأوّلين وتخرّصهم، كما قالوا: أساطير الأَوّلين. أو ما خلقنا هذا إلا خلق القرون الخالية، نحيا كما حيوا، ونموت كما ماتوا، ولا بعث ولا حساب. ومن قرأ: «خلق»، بضمتين، وبواحدة، فمعناه: ما هذا الذي نحن عليه من الدين إلا خلق الأولين وعادتهم، كانوا يدينونه ويعتقدونه، ونحن بهم مقتدون. أو ما هذا الذي نحن عليه من الحياة والموت إلا عادة لم يزل عليها الناس في قديم الدهر أو ما هذا الذي جئت به من الكذب إلا عادة الأولين، كانوا يلفقون مثله ويسطرونه.

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

ثم ذكروا السبب في أن الوعظ وعدمه سواء بقولهم: {إن هذا إلا خلق الأولين * وما نحن بمعذبين} أي ما هذا الدين الذي نحن عليه إلا دين الأولين من الآباء والأجداد، فنحن سالكون سبيلهم، نعيش كما عاشوا ونموت كما ماتوا، ولا بعث ولا معاد، ولا ثواب ولا عقاب، ولا جنة ولا نار.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{خُلُقُ} بضمتين، فهو السجية المتمكنة في النفس باعثة على عمل يناسبها من خير أو شر وقد فُسّر بالقوى النفسية، وهو تفسير قاصر فيشمل طبائع الخير وطبائع الشر، ولذلك لا يُعرَف أحدُ النوعين من اللفظ إلا بقيد يضم إليه فيقال: خُلُق حسَن، ويقال في ضده: سوء خُلُق، أو خُلُق ذميم، قال تعالى: {وإنك لعلى خُلُق عظيم} [القلم: 4]...

وأما على قراءة الفريق الثاني فالخَلْق بفتح الخاء وسكون اللام مصدر هو الإنشاء والتكوين، والخلق أيضاً مصدر خلق، إذا كذب في خبره، ومنه قوله تعالى: {وتخلُقون إفكاً}..وذلك أن الكاذب يخلُق خبراً لم يقع. فيجوز أن يكون المعنى أن ما تزعمه من الرسالة عن الله كذب وما تخبرنا من البعث اختلاق..ويجوز أن يكون المعنى أنَّ حياتنا كحياة الأولين نحيا ثم نموت..