المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِدۡرِيسَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّيقٗا نَّبِيّٗا} (56)

56- واتل - أيها الرسول - علي الناس ما في القرآن من قصة إدريس ، إنه كان شأنه الصدق قولا وفعلا وعملا . وقد منحه الله شرف النبوة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِدۡرِيسَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّيقٗا نَّبِيّٗا} (56)

قوله تعالى : { واذكر في الكتاب إدريس } وهو جد أبي نوح واسمه أخنوخ ، سمي إدريس لكثرة درسه الكتب . وكان خياطاً وهو أول من خط بالقلم ، وأول من خاط الثياب ، ولبس المخيط ، وكانوا من قبله يلبسون الجلود ، وأول من اتخذ السلاح ، وقاتل الكفار ، وأول من نظر في علم النجوم والحساب ، { إنه كان صديقاً نبياً * } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِدۡرِيسَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّيقٗا نَّبِيّٗا} (56)

وأخيرا يختم السياق هذه الإشارات بذكر إدريس :

( واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا . ورفعناه مكانا عليا ) . .

ولا نملك نحن تحديد زمان إدريس . ولكن الأرجح أنه سابق على إبراهيم وليس من أنبياء بني إسرائيل فلم يرد ذكره في كتبهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِدۡرِيسَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّيقٗا نَّبِيّٗا} (56)

وهذا{[18906]} ذكر إدريس ، عليه السلام ، بالثناء عليه ، بأنه{[18907]} كان صديقًا نبيًّا ، وأن الله رفعه مكانًا عليًّا . وقد تقدم في الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به في ليلة الإسراء وهو في السماء الرابعة .

وقد روى ابن جرير هاهنا أثرًا غريبًا عجيبًا ، فقال : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني جرير بن حازم ، عن سليمان الأعمش ، عن شَمِر بن عطية ، عن هلال بن يساف قال : سأل ابن عباس كعبًا ، وأنا حاضر ، فقال له : ما قول الله - عز وجل - لإدريس : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } فقال كعب : أما إدريس فإن الله أوحى إليه أني أرفع لك كل يوم مثل عمل جميع بني آدم ، فأحب أن يزداد عملا{[18908]} فأتاه خليل له من الملائكة فقال : إن الله أوحى إليّ كذا وكذا ، فكلم لي{[18909]} ملك الموت ، فَلْيؤخرني حتى أزداد عملا فحمله بين جناحيه ، حتى صعد به إلى السماء ، فلما كان في السماء الرابعة تلقاهم مَلَك الموت منحدرًا ، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس ، فقال : وأين إدريس ؟ فقال : هو ذا على ظهري . قال ملك الموت : فالعجب ! بعثت وقيل لي : اقبض روح إدريس في السماء الرابعة " . فجعلت أقول : كيف{[18910]} أقبض روحه في السماء الرابعة ، وهو في الأرض ؟ فقبض روحه هناك ، فذلك{[18911]} قول الله : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا }{[18912]} .

هذا من أخبار كعب الأحبار الإسرائيليات ، وفي بعضه نكارة ، والله أعلم .

وقد رواه{[18913]} ابن أبي حاتم من وجه آخر ، عن ابن عباس : أنه سأل كعبًا ، فذكر نحو ما تقدم ، غير أنه قال لذلك الملك : هل لك أن تسأله - يعني : ملك الموت - كم بقي من أجلي لكي أزداد من العمل وذكر باقيه{[18914]} ، وفيه : أنه لما سأله عما بقي من أجله ، قال{[18915]} : لا أدري حتى أنظر ، ثم نظر ، قال : إنك تسألني{[18916]} عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين ، فنظر الملك{[18917]} تحت جناحه إلى إدريس ، فإذا{[18918]} هو قد قبض ، عليه السلام ، وهو لا يشعر به .

ثم رواه من وجه آخر عن ابن عباس : أن إدريس كان خياطًا ، فكان{[18919]} لا يغرز إبرة إلا قال : " سبحان الله " ، فكان يمسي حين يمسي{[18920]} وليس في الأرض أحد أفضل عملا منه . وذكر بقيته كالذي قبله ، أو نحوه .

وقال ابن أبي نَجِيح ، عن مجاهد في قوله : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } قال : إدريس رفع ولم يمت ، كما رفع عيسى .

وقال سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } قال : [ رفع إلى ]{[18921]} السماء الرابعة .

وقال العوفي عن ابن عباس : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } قال : رفع إلى السماء السادسة فمات بها . وهكذا قال الضحاك بن مُزَاحم .

وقال الحسن ، وغيره ، في قوله : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } قال : الجنة .


[18906]:في ت: "وهكذا".
[18907]:في أ: "فإنه".
[18908]:في ف، أ: "تزداد علما".
[18909]:في ت: "له".
[18910]:في ف: "فكيف".
[18911]:في ف: "فهذا".
[18912]:تفسير الطبري (16/72).
[18913]:في أ: "وقد روى".
[18914]:في أ: "وذكر ما فيه".
[18915]:في ف، أ: "فقال".
[18916]:في ف، أ: "لتسألني".
[18917]:في أ: "ملك الموت".
[18918]:في ت: "قال".
[18919]:في ف: "وكان".
[18920]:في أ: "وكان يمشي حين يمشي".
[18921]:زيادة من ف، أ.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِدۡرِيسَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّيقٗا نَّبِيّٗا} (56)

إدريس : اسم جعل علماً على جد أبي نوح ، وهو المسمى في التوراة ( أُخنُوخ ) . فنوح هو ابن لامك بن متُوشالح بن أُخنوخ ، فلعل اسمه عند نسّابي العرب إدريس ، أو أن القرآن سماه بذلك اسماً مشتقاً من الدرس لما سيأتي قريباً . واسمه ( هرمس ) عند اليونان ، ويُزعم أنه كذلك يسمى عند المصريين القدماء ، والصحيح أن اسمه عند المصريين ( تُوت ) أو ( تحُوتي ) أو ( تهوتي ) لهجات في النطق باسمه .

وذكر ابن العِبْري في « تاريخه » : « أن إدريس كان يلقب عند قدماء اليونان ( طريسمجيسطيس ) ، ومعناه بلسانهم ثلاثي التعليم ، لأنه كان يصف الله تعالى بثلاث صفات ذاتية وهي الوجود والحكمة والحياة » اهـ .

ولا يخفى قرب الحروف الأولى في هذا الاسم من حروف إدريس ، فلعل العرب اختصروا الاسم لطوله فاقتصروا على أوله مع تغيير .

وكان إدريس نبيئاً ، ففي الإصحاح الخامس من سفر التكوين « وسار أُخنوخ مع الله » . قيل : هو أول من وضع للبشر عمارة المدن ، وقواعد العلم ، وقواعد التربية ، وأول من وضع الخط ، وعلّم الحساب بالنجوم وقواعدَ سير الكواكب ، وتركيب البسائط بالنّار فلذلك كان علم الكيمياء ينسب إليه ، وأوّل من علم الناس الخياطة . فكان هو مبدأ من وضع العلوم ، والحضارة ، والنظم العقليّة .

فوجه تسميته في القرآن بإدريس أنّه اشتق له اسم من الفرس على وزن مناسب للأعلام العجميّة ، فلذلك منع من الصرف مع كون حروفه من مادة عربية ، كما منع إبليس من الصرف ، وكما منع طالوت من الصرف .

وتقدّم اختلاف القراء في لفظ { نبيئاً } عند ذكر إبراهيم .