{ وَخَلَقَ الْجَانَّ } أي : أبا الجن ، وهو إبليس اللعين{[947]} { مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ } أي : من لهب النار الصافي ، أو الذي قد خالطه الدخان ، وهذا يدل على شرف عنصر الآدمي المخلوق من الطين والتراب ، الذي هو محل الرزانة والثقل والمنافع ، بخلاف عنصر الجان وهو النار ، التي هي محل الخفة والطيش والشر والفساد .
وخلقه{[27856]} الجان من مارج من نار ، وهو : طرف لهبها . قاله الضحاك ، عن ابن عباس . وبه يقول عكرمة ، ومجاهد ، والحسن ، وابن زيد .
وقال العَوْفي ، عن ابن عباس : { مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ } من لهب النار ، من أحسنها .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ } من خالص النار . وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، والضحاك وغيرهم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم " .
ورواه مسلم ، عن محمد بن رافع ، وعبد بن حميد ، كلاهما عن عبد الرزاق ، به{[27857]} .
و : { الجان } اسم جنس ، كالجنة . و : «المارج » اللهب المضطرب من النار . قال ابن عباس : وهو أحسن النار المختلط من ألوان شتى . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر : «كيف بك إذا كنت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأمانتهم »{[10815]} .
و { الجانُّ } : الجن والمراد به إبليس وما خرج عنه من الشياطين ، وقد حكى الله عنه قوله : { خلقتني من نار وخلقته من طين } [ ص : 76 ] .
والمارج : هو المختلط وهو اسم فاعل بمعنى اسم المفعول مثل دافق ، وعيشة راضية ، أي خلق الجان من خليط من النار ، أي مختلط بعناصر أخرى إلا أن الناس أغلَب عليه كما كان التراب أغلب على تكوين الإنسان مع ما فيه من عنصر النار وهو الحرارة الغريزية والمقصود هنا هو خلق الإنسان بقرينة تذييله بقوله : { فبأي ألاء ربكما تكذبان } [ الرحمن : 16 ] وإنما قُرن بخلق الجان إظهاراً لكمال النعمة في خلق الإنسان من مادة لَينة قابلاً للتهذيب والكمال وصدور الرفق بالموجودات التي معه على وجه الأرض .
وهو أيضاً تذكير وموعظة بمظهر من مظاهر قدرة الله وحكمته في خلق نوع الإِنسان وجنس الجان .
وفيه إيماء إلى ما سبق في القرآن النازِل قبل هذه السورة من تفضيل الإنسان على الجان إذ أمر الله الجانّ بالسجود للإِنسان ، وما ينطوي في ذلك من وفرة مصالح الإِنسان على مصالح الجان ، ومِن تأهله لعمران العالم لكونه مخلوقاً من طينته إذ الفضيلة تحصل من مجموع أوصاف لا من خصوصيات مفردة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.