وقوله : فإذَا النّجُومُ طُمِسَتْ يقول : فإذا النجوم ذهب ضياؤها ، فلم يكن لها نور ولا ضوء وَإذَا السّماءُ فُرِجَتْ يقول : وإذا السماء شقّقت وصدّعت وَإذَا الجِبالُ نُسِفَتْ يقول : وإذا الجبال نسفت من أصلها ، فكانت هباء منبثا وَإذَا الرّسُلُ أُقّتَتْ يقول تعالى ذكره : وإذا الرسل أجلت للاجتماع لوقتها يوم القيامة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَإذَا الرّسُلُ أُقّتَتْ يقول : جمعت .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : أُقّتَتْ قال : أُجّلَتْ .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، قال : قال مجاهد وَإذَا الرّسُلِ أُقّتَتْ قال : أجلت .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، جميعا عن سفيان ، عن منصور عن إبراهيم وَإذَا الرّسُلُ أُقّتَتْ قال : أُوعِدَت .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَإذَا الرّسُلُ أُقّتَتْ قال : أقتت ليوم القيامة ، وقرأ : يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرّسُلَ قال : والأجل : الميقات ، وقرأ : يسْئَلونَك عَنِ الأهِلّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ للنّاسِ وَالحَجّ ، وقرأ : إلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ قال : إلى يوم القيامة ، قال : لهم أجل إلى ذلك اليوم حتى يبلغوه .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، في قوله : وَإذَا الرّسُلُ أُقّتَتْ قال : وعدت .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة غير أبي جعفر ، وعامة قرّاء الكوفة : أُقّتَتْ بالألف وتشديد القاف ، وقرأه بعض قرّاء البصرة بالواو وتشديد القاف : «وُقّتَتْ » وقرأه أبو جعفر : «وُقِتَتْ » بالواو وتخفيف القاف .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن كل ذلك قراءات معروفات ولغات مشهورات بمعنى واحد ، فبأيتها قرأ القارىء فمصيب ، وإنما هو فُعّلَتْ من الوقت ، غير أن من العرب من يستثقل ضمة الواو ، كما يستثقل كسرة الياء في أوّل الحرف فيهمزها ، فيقول : هذه أجوه حسان بالهمزة ، وينشد بعضهم :
يَحُل أحِيدَهُ ويُقالُ بَعْلٌ *** ومِثْلُ تَمَوّلٍ مِنْهُ افْتِقارُ
الفاء للتفريع على قوله : { إن ما توعدون لواقع } [ المرسلات : 7 ] لأنه لما أفاد وقوع البعث وكان الخاطبون ينكرونه ويتعللون بعدم التعجيل بوقوعه ، بُيّن لهم ما يحصل قبله زيادة في تهويله عليهم . والإِنذار بأنه مؤخّر إلى أن تحصل تلك الأحداث العظيمة ، وفيه كناية رمزية على تحقيق وقوعه لأن الأخبار عن أمارات حلول ما يوعدون يستلزم التحذير من التهاون به ، ولذلك ختمت هذه الأخبار بقوله : { ويل يومئذٍ للمكذبين } [ المرسلات : 19 ] .
وكررت كلمة { إذَا } في أوائل الجمل المعطوفة على هذه الجملة بعد حروف العطف مع إغناء حرف العطف عن إعادة { إذا } كما في قوله : { فإذا برق البصر وخَسَف القمر وجُمع الشمس والقمر يقول الإِنسان } الآية [ القيامة : 7 10 ] ، لإِفادة الاهتمام بمضمون كل جملة من هذه الجمل ليكون مضمونها مستقلاً في جعله علامة على وقوع ما يوعدون .
وطَمْسُ النجوم : زوال نورها ، وأن نور معظم ما يلوح للناس من النجوم سببه انعكاس أشعة الشمس عليها حين احتجاب ضوء الشمس على الجانب المُظلم من الأرض ، فطمس النجوم يقتضي طمس نور الشمس ، أي زوَال التهابها بأن تبرد حرارتها ، أو بأن تعلو سطحها طبقة رمادية بسبب انفجارات من داخلها ، أو بأن تتصادم مع أجرام سماوية أخرى لاختلال نظام الجاذبية فتندك وتتكسر قِطعاً فيزول التهابها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.