{ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } أي : مراعون لها ، حافظون مجتهدون على أدائها والوفاء بها ، وهذا شامل لجميع الأمانات التي بين العبد وبين ربه ، كالتكاليف السرية ، التي لا يطلع عليها إلا الله ، والأمانات التي بين العبد وبين الخلق ، في الأموال والأسرار ، وكذلك العهد ، شامل للعهد الذي عاهد عليه الله ، والعهد الذي عاهد عليه الخلق ، فإن العهد يسأل عنه العبد ، هل قام به ووفاه ، أم رفضه وخانه فلم يقم به ؟ .
( والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ) .
وهذه من القوائم الأخلاقية التي يقيم الإسلام عليها نظام المجتمع . ورعاية الأمانات والعهود في الإسلام تبدأ من رعاية الأمانة الكبرى التي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان . وهي أمانة العقيدة والاستقامة عليها اختيارا لا اضطرارا . . ومن رعاية العهد الأول المقطوع على فطرة الناس وهم بعد في الأصلاب أن الله ربهم الواحد ، وهم بخلقتهم على هذا العهد شهود . . ومن رعاية تلك الأمانة وهذا العهد تنبثق رعاية سائر الأمانات والعهود في معاملات الأرض وقد شدد الإسلام في الأمانة والعهد وكرر وأكد ، ليقيم المجتمع على أسس متينة من الخلق والثقة والطمأنينة . وجعل رعاية الأمانة والعهد سمة النفسالمؤمنة ، كما جعل خيانة الأمانة وإخلاف العهد سمة النفس المنافقة والكافرة . ورد هذا في مواضع شتى من القرآن والسنة لا تدع مجالا للشك في أهمية هذا الأمر البالغة في عرف الإسلام .
وقوله : { وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } أي : إذا اؤتمنوا لم يخونوا ، وإذا عاهدوا لم يغدروا . وهذه صفات المؤمنين ، وضدها صفات المنافقين ، كما ورد في{[29330]} الحديث الصحيح : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان " . وفي رواية : " إذا حَدَّث كذب ، وإذا عاهد غَدَر ، وإذا خاصم فجر " {[29331]} .
الأمانات : جمع أمانة ، وجمعها لأنها تكون متنوعة من حيث هي في الأموال وفي الأسرار فيما بين العبد وربه فيما أمره ونهاه عنه ، قال الحسن : الدين كله أمانة . وقرأ ابن كثير وحده من السبعة : «لأمانتهم » بالإفراد ، والعهد : كل ما تقلده الإنسان من قول أو فعل أو مودة ، إذا كانت هذه الأشياء على طريق البر ، فهو عهد ينبغي رعيه وحفظه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : «حسن العهد من الإيمان »{[11331]} و : { راعون } جمع راع أي حافظ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.