كذلك وجههم إلى كتاب الكون المفتوح : ( ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ? وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ? ) . . والسماوات السبع لا يمكن حصرها في مدلول مما تقول به الفروض العلميه في التعريف بالكون . فهي كلها مجرد فروض . إنما وجه نوح قومه إلى السماء وأخبرهم - كما علمه الله - أنها سبع طباق . فيهن القمر نور وفيهن الشمس سراج . وهم يرون القمر ويرون الشمس ، ويرون ما يطلق عليه اسم السماء . وهو هذا الفضاء ذو اللون الأزرق . أما ما هو ? فلم يكن ذلك مطلوبا منهم . ولم يجزم أحد إلى اليوم بشيء في هذا الشأن . . وهذا التوجيه يكفي لإثارة التطلع والتدبر فيما وراء هذه الخلائق الهائلة من قدرة مبدعة . . وهذا هو المقصود من ذلك التوجيه .
وقوله : { أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا } ؟ أي : واحدة فوق واحدة ، وهل هذا يتلقى من جهة السمع فقط ؟ أو هي من الأمور المدركة بالحس ، مما علم من التسيير والكسوفات ، فإن الكواكب السبعة السيارة يكسف بعضها بعضا ، فأدناها القمر في السماء الدنيا وهو يكسف ما فوقه ، وعطارد في الثانية ، والزهرة في الثالثة ، والشمس في الرابعة ، والمريخ في الخامسة ، والمشتري في السادسة ، وزحل في السابعة . وأما بقية الكواكب - وهي الثوابت - ففي فَلَك ثامن يسمونه فَلَكَ الثوابت . والمتشرعون منهم يقولون : هو الكرسي ، والفلك التاسع ، وهو الأطلس . والأثير عندهم الذي حركته على خلاف حركة سائر الأفلاك ، وذلك أن حركته مبدأ الحركات ، وهي من المغرب إلى المشرق ، وسائر الأفلاك عكسه من المشرق إلى المغرب ، ومعها يدور سائر الكواكب تبعا ، ولكن للسيارة حركة معاكسة لحركة أفلاكها ، فإنها تسير من المغرب إلى المشرق . وكل يقطع فلكه بحسبه ، فالقمر يقطع فلكه في كل شهر مرة ، والشمس في كل سنة مرة ، وزحل في كل ثلاثين سنة مرة ، وذلك بحسب اتساع أفلاكها وإن كانت حركة الجمع في السرعة متناسبة . هذا ملخص ما يقولونه في هذا المقام ، على اختلاف بينهم في مواضع كثيرة ، لسنا بصدد بيانها ، وإنما المقصود أن الله سبحانه : { خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا }
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم وعظهم ليعتبروا في صنعه، فقال: {ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا} بعضها فوق بعض.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح صلوات الله وسلامه عليه، لقومه المشركين بربهم، محتجا عليهم بحجج الله في وحدانيته:"أَلمْ تَروْا "أيها القوم فتعتبروا.
"كَيْفَ خَلَقَ اللّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِباقا" بعضها فوق بعض، وإنما عني بذلك: كيف خلق الله سبع سموات، سماء فوق سماء مطابقة.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قد ذكرنا أن قوله: {ألم تروا} يقتضي تذكير أمر عرفوه، فأغفلوا عنه؛ فقد يقتضي تذكير أعجوبة، لم يسبق من الخلائق العلم بها؛ يقول: قد رأوا أنه خلق سبع سماوات طباقا بغير علائق فوقها ولا أعمدة تحتها، ومن قدر على مثله قادر على خلق كل ما يريد، فيكون فيه إيجاب القبول بالبعث؛ إذ إعادتهم ليست بأعسر من خلق السماوات في تقدير عقولكم، ومن قدر على خلقهن قادر على البعث.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان تأمل الكيفيات يحتاج إلى دقة وتوقف على عجائب ولطائف تؤذن قطعاً بأن فاعلها لا يعجزه شيء، قال منكراً عليهم عدم التأمل: {كيف خلق الله} أي الذي له العلم التام والقدرة البالغة والعظمة الكاملة {سبع سماوات} هي في غاية العلو والسعة والإحكام والزينة، يعرف كونها سبعاً بما فيها من الزينة. ولما كانت المطابقة بين المتقابلات في غاية الصعوبة لا يكاد يقدر عليها من جميع الوجوه أحد، قال: {طباقاً} أي متطابقة بعضها فوق بعض وكل واحدة في التي تليها محيطة بها "ما لها من فروج " لا يكون تمام المطابقة إلا كذلك بالإحاطة من كل جانب.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
كذلك وجههم إلى كتاب الكون المفتوح: (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا؟ وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا؟).. والسماوات السبع لا يمكن حصرها في مدلول مما تقول به الفروض العلميه في التعريف بالكون. فهي كلها مجرد فروض. إنما وجه نوح قومه إلى السماء وأخبرهم -كما علمه الله- أنها سبع طباق. فيهن القمر نور وفيهن الشمس سراج. وهم يرون القمر ويرون الشمس، ويرون ما يطلق عليه اسم السماء. وهو هذا الفضاء ذو اللون الأزرق. أما ما هو؟ فلم يكن ذلك مطلوبا منهم. ولم يجزم أحد إلى اليوم بشيء في هذا الشأن.. وهذا التوجيه يكفي لإثارة التطلع والتدبر فيما وراء هذه الخلائق الهائلة من قدرة مبدعة.. وهذا هو المقصود من ذلك التوجيه.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.