اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَلَمۡ تَرَوۡاْ كَيۡفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗا} (15)

قوله : { أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ الله سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً } .

لما ذكر لهم دليل التوحيد من أنفسهم ، أتبعه بدليل الآفاق فقال : { أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ الله سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً } ، أي : ألم تعلموا أنَّ الذي قدر على هذا ، فهو الذي يجب أن يعبد ، ومعنى : «طباقاً » قال ابن عباس والسدي : أي : بعضها فوق بعض كل سماء منها وطبقة على الأخرى كالقبابِ{[58006]} .

فإن قيل : هذا يقتضي ألا يكون بينهما فرج ، وإذا كان كذلك فكيف تسلكها الملائكة ؟ .

فالجواب : أن الملائكة أرواح .

وأيضاً قال المبرِّد : معنى طباقاً ، أي : متوازية لا أنها متماسة .

وقال الحسنُ : «خلَق الله سبعَ سماواتٍ طِباقاً » على سبع أرضين بين كل أرض وأرض وسماء خلق وأمر{[58007]} .

وقوله : { أَلَمْ تَرَوْاْ } ، على جهة الإخبار ، لا المعاينة كما تقول : ألمْ ترنِي كيف صنعتُ بفلان كذا ، و «طِبَاقاً » نصب على أنه مصدر طابقه طباقاً ، أو حال بمعنى : «ذات طباقٍ » ، فحذف «ذات » وأقام «طِباقاً » مقامه ، وتقدم الكلامُ عليه في سورة «الملك » .

وقال مكيّ : وأجاز الفرَّاء في غير القرآنِ جر «طِباق » على النعت ل «سماوات » .

يعني أنه يجوز أن يكون صفة للعدد تارة وللمعدود أخرى .


[58006]:ذكره الماوردي (6/102) والقرطبي (18/197).
[58007]:ينظر المصدر السابق.