مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{أَلَمۡ تَرَوۡاْ كَيۡفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗا} (15)

الدليل الثاني : على التوحيد قوله تعالى :

{ ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا } .

واعلم أنه تعالى تارة يبدأ بدلائل الأنفس ، وبعدها بدلائل الآفاق كما في هذه الآية ، وذلك لأن نفس الإنسان أقرب الأشياء إليه ، فلا جرم بدأ بالأقرب ، وتارة يبدأ بدلائل الآفاق ، ثم بدلائل الأنفس إما لأن دلائل الآفاق أبهر وأعظم ، فوقعت البداية بها لهذا السبب ، أو لأجل أن دلائل الأنفس حاضرة ، لا حاجة بالعاقل إلى التأمل فيها ، إنما الذي يحتاج إلى التأمل فيه دلائل الآفاق ، لأن الشبه فيها أكثر ، فلا جرم تقع البداية بها ، وهاهنا سؤالات :

السؤال الأول : قوله : { سبع سموات طباقا } يقتضي كون بعضها منطبقا على البعض ، وهذا يقتضي أن لا يكون بينها فرج ، فالملائكة كيف يسكنون فيها ؟ ( الجواب ) الملائكة أرواح فلعل المراد من كونها طباقا كونها متوازية لا أنها متماسة .