المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

25 - ألم نجعل الأرض ضامَّة على ظهرها أحياء لا يعدون ، وفي بطنها أمواتٌ لا يحصرون ، وجعلنا فيها جبالاً ثوابت عاليات ، وأسقيناكم ماء عذباً سائغاً ؟ هلاك يومئذٍ للمكذبين بهذه النعمة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

{ ويل يومئذ للمكذبين . ألم نجعل الأرض كفاتا } وعاءً ، ومعنى الكفت : الضم والجمع ، يقال : كفت الشيء : إذا ضمه وجمعه . وقال الفراء : يريد تكفتهم أحياء على ظهرها في دورهم ومنازلهم ، وتكفتهم أمواتاً في بطنها ، أي : تحوزهم وهو قوله :{ أحياء وأمواتا }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

{ 25 - 28 } { أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا * وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ }

أي : أما امتننا{[1326]}  عليكم وأنعمنا ، بتسخثير الأرض لمصالحكم ، فجعلناها { كِفَاتًا } لكم .


[1326]:- في ب: أمامننا.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

ثم جولة في هذه الأرض ، وتقدير الله فيها لحياة البشر ، وإيداعها الخصائص الميسرة لهذه الحياة :

ألم نجعل الأرض كفاتا ? أحياء وأمواتا ? وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ? ويل يومئذ للمكذبين . .

ألم نجعل الأرض كفاتا تحتضن بنيها أحياء وأمواتا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

ثم قال : { أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا } قال ابن عباس : { كِفَاتًا } كنَّا . وقال مجاهد : يُكَفتُ الميت فلا يُرَى منه شيء . وقال الشعبي : بطنها لأمواتكم ، وظهرها لأحيائكم . وكذا قال مجاهد وقتادة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفَاتاً * أَحْيَآءً وَأَمْواتاً * وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مّآءً فُرَاتاً * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } .

يقول تعالى ذكره منبها عباده على نعمه عليهم : أَلمْ نَجْعَلِ أيها الناس الأرْضَ لكم كِفاتا يقول : وعاء تقول : هذا كفت هذا وكفيته ، إذا كان وعاءه . وإنما معنى الكلام : ألم نجعل الأرض كِفاتَ أحيائكم وأمواتكم ، تَكْفِت أحياءكم في المساكن والمنازل ، فتضمهم فيها وتجمعهم ، وأمواتَكم في بطونها في القبور ، فيُدفَنون فيها .

وجائز أن يكون عُني بقوله : كِفاتا أحْياءا وأمْوَاتا تكفت أذاهم في حال حياتهم ، وجيفهم بعد مماتهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتا يقول : كِنّا .

حدثنا عبد الحميد بن بيان ، قال : أخبرنا خالد ، عن مسلم ، عن زاذان أبي عمر ، عن الربيع بن خيثم ، عن عبد الله بن مسعود ، أنه وجد قملة في ثوبه ، فدفنها في المسجد ثم قال : أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتا أحْياءً وأمْوَاتا .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا مسلم الأعور ، عن زاذان ، عن ربيع بن خيثم ، عن عبد الله ، مثله .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن ليث ، قال : قال مجاهد في الذي يرى القملة في ثوبه وهو في المسجد ، ولا أدري قال في صلاة أم لا ، إن شئت فألقها ، وإن شئت فوارها أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتا أحْياءً وأمْوَاتا .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن شريك ، عن بيان ، عن الشعبيّ أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتا أحْياءً وأمْوَاتا قال : بطنها لأمواتكم ، وظهرها لأحيائكم .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن عثمان بن الأسود ، عن مجاهد أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتا قال : تكفت أذاهم أحْياءً تواريه وأمْوَاتا يدفنون : تكفتهم . وقد :

حدثني به ابن حميد مرّة أخرى ، فقال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن عثمان بن الأسود ، عن مجاهد أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتا قال : تكفت أذاهم وما يخرج منهم أحْياءً وأمْوَاتا قال : تكفتهم في الأحياء والأموات .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتا أحْياءً وأمْوَاتا قال : أحياء يكونون فيها . قال محمد بن عمرو : يغيبون فيها ما أرادوا وقال الحارث : ويغيبون فيها ما أرادوا . وقوله : أحْياءً وأمْوَاتا قال : يدفنون فيها .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتا أحْياءً وأمْوَاتا يسكن فيها حيهم ، ويدفن فيها ميتهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة أحْياءً وأمْوَاتا قال : أحياء فوقها على ظهرها ، وأمواتا يُقبرون فيها .

واختلف أهل العربية في الذي نصب أحْياءً وأمْوَاتا فقال بعض نحويي البصرة : نصب على الحال . وقال بعض نحويي الكوفة : بل نصب ذلك بوقوع الكفات عليه ، كأنك قلت : ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات ، فإذا نوّنت نصبت كما يقرأ من يقرأ : أوْ إطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيما ذَا مَقْرَبَةٍ وهذا القول أشبه عندي بالصواب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

و «الكفات » : الستر والوعاء الجامع للشيء بإجماع ، تقول كفت الرجل شعره إذا جمعه بخرقة ، فالأرض تكفت الأحياء على ظهرها ، وتكفت الأموات في بطنها و { أحياء } على هذا التأويل مُعمول لقوله { كفاتاً } لأنه مصدر .

وقال بعض المتأولين { أحياء وأمواتاً } إنما هو بمعنى أن الأرض فيها أقطار أحياء وأقطار أموات يراد ما ينبت وما لا ينبت ، فنصب { أحياء } على هذا إنما هو على الحال من { الأرض } ، والتأويل الأولى أقوى .

وقال بنان خرجنا مع الشعبي إلى جنازة فنظر إلى الجبانة فقال : هذه كفات الموتى ، ثم نظر إلى البيوت فقال : هذه كفات الأحساء ، وكانت العرب تسمي بقيع الغرقد كفتة لأنها مقبرة تضم الموتى{[11547]} ، وفي الحديث «خمروا آنيتكم وأوكئوا أسقيتكم واكفتوا صبيانكم وأجيفوا أبوابكم وأطفئوا مصابيحكم »{[11547]} . ودفن ابن مسعود قملة في المسجد ثم قرأ { ألم نجعل الأرض كفاتاً } .

قال القاضي أبو محمد : ولما كان القبر { كفاتاً } كالبيت قطع من سرق منه .


[11547]:أخرجه البخاري في بدء الخلق والأشربه، ومسلم وابن ماجه في الأشربه، والترمذي في الأطعمة، ومالك في صفة النبي بالموطأ، وأحمد في مسنده (3/301، 306، 355)، ولفظه كما في مسند أحمد: عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أغلقوا أبوابكم، وخمروا آنيتكم، وأطفئوا سرجكم، وأوكوا أسقيتكم، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا، ولا يكشف غطاء، ولا يحل وكاء، وإن الفويسقة تضرم البيت على أهله)، يعني الفأرة. وفي رواية (وأجيفوا الأبواب) ومعنى "خمروا" :غطوا، يقال: خمرت المرأة رأسها، أي غطته بالخمار، وأوكوا : اربطوا فم السقاء وهو القربة، والوكاء هو الشيء الذي تربط به القربة، ومعنى "اكتفوا صبيانكم": ضموهم إليكم حماية لهم.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

جاء هذا التقرير على سنن سابقيه في عدم العطف لأنه على طريقة التكرير للتوبيخ ، وهو تقرير لهم بما أنعم الله به عليهم من خلق الأرض لهم بما فيها مما فيه منافعهم كما قال تعالى : { مَتاعاً لكم ولأنعامكم } [ النازعات : 33 ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

أليس قد جعل لكم الأرض كفاتا لكم، تدفنون فيها أمواتكم وتبثون عليها أحياءكم، وتسكنون عليها، فقد كفت الموتى والأحياء.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره منبها عباده على نعمه عليهم:"أَلمْ نَجْعَلِ "أيها الناس "الأرْضَ" لكم "كِفاتا" يقول: وعاء تقول: هذا كفت هذا وكفيته، إذا كان وعاءه.

وإنما معنى الكلام: ألم نجعل الأرض كِفاتَ أحيائكم وأمواتكم، تَكْفِت أحياءكم في المساكن والمنازل، فتضمهم فيها وتجمعهم، وأمواتَكم في بطونها في القبور، فيُدفَنون فيها.

وجائز أن يكون عُني بقوله: "كِفاتا أحْياء وأمْوَاتا" تكفت أذاهم في حال حياتهم، وجيفهم بعد مماتهم.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

وقوله:"ألم نجعل الأرض كفاتا"... والكفات: الضمام.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

الكفات: من كفت الشيء إذا ضمه وجمعه...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أن هذا هو النوع الرابع من تخويف الكفار، وذلك لأنه ذكرهم بالنعم التي له عليهم في الأنفس، وفي هذه الآية ذكرهم بالنعم التي له عليهم في الآفاق.

ثم قال في آخر الآية: {ويل يومئذ للمكذبين} والسبب فيه ما قدمنا أن النعم كلما كانت أكثر كانت الجناية أقبح؛ فكان استحقاق الذم عاجلا والعقاب آجلا أشد، وإنما قدم تلك الآية على هذه الآية، لأن النعم التي في الأنفس كالأصل للنعم التي في الآفاق، فإنه لولا الحياة والسمع والبصر والأعضاء السليمة لما كان الانتفاع بشيء من المخلوق ممكنا.

واعلم أنه تعالى ذكر هاهنا ثلاثة أشياء أولها الأرض، وإنما قدمها لأن أقرب الأشياء إلينا من الأمور الخارجية هو الأرض.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

«كفات»: على وزن كتاب و (كفت) على وزن كشف هو جمع وضم الشيء للآخر، ويقال أيضاً لسرعة طيران الطيور «كفات» لجمعه لأجنحته حال الطيران السريع حتى يتمكن من شق الهواء والتقدم أسرع.

والمراد هو أنّ الأرض مقر لجميع البشر: إذ تجمع الأحياء على ظهرها وتهيء لهم جميع ما يحتاجونه، وتضم أمواتهم في بطنها، فلو أنّ الأرض لم تكن مهيأة لدفن الأموات لسببت العفونة والأمراض الناتجة منها فاجعة لجميع الأحياء.

نعم، إنّ الأرض هي كالأُم التي تجمع أولادها حولها وتضمهم تحت أجنحتها، وتغذيهم، وتلبسهم، وتسكنهم، وتقضي جميع حوائجهم، وتحفظ أمواتهم في قلبها أيضاً، وتمتصهم وتزيل مساوئ آثارهم.