تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

16

المفردات :

الأرض كفاتا : وعاء ، تضم الأحياء على ظهرها ، والأموات في بطنها .

رواسي شامخات : جبالا ثوابت مرتفعات .

ماء فراتا : حلوا عذبا .

التفسير :

28- ألم نجعل الأرض كفاتا* أحياء وأمواتا* وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناهم ماء فراتا* ويل يومئذ للمكذبين .

كفاتا : وعاء .

جعلنا الأرض وعاء لكم منها تأكلون وتشربون ، وعلى طرقها تسيرون ، وتسكنون دورها ومنازلها ، وجعل الأرض جامعة لأمر معاشكم وتجاركم وتنقلاتكم ، فهي ضامة وجامعة للأحياء على ظهرها ، وللأموات في بطنها ، حيث يدفنون في بطنها ، وتستر الأموات من رؤوسهم إلى أقدمهم .

قال تعالى : ثم أماته ، فأقبره . ( عبس : 21 ) .

أي : أسكنه القبر ، وهي نعمة أيّ نعمة .

قال الشعبي : بطنها لأمواتكم ، وظهرها لأحيائكم .

وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى : منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى . ( طه : 55 ) .

قال المفسرون : الكفت : الجمع والضمّ ، فالأرض تجمع وتضم إليها جميع البشر ، فهي كالأمّ لهم ، الأحياء يسكنون فوق ظهرها في المنازل والدّور ، والأموات يسكنون في بطونها في القبور . اه .

وجاء التنكير للتفخيم كأنه قيل : تكفت أحياء لا يعدّون على ظهرها ، وتكفت أمواتا لا يحصرون في بطنها .

وجعلنا فيها رواسي شامخات . . .

جعلنا فيها ثوابت مرتفعات ، فالجبال تثبت الأرض ، وتمسكها من الفوران بسبب الزلازل والبراكين والحمم التي بداخلها .

قال تعالى : وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم . . . ( النحل : 15 ) .

وأسقيناكم ماء فراتا .

وأسقيناكم ماء عذبا لذيذا ، والقرآن يمتن علينا بالماء والبساتين والزروع والثمار عقب ذكر الجبال .

قال تعالى : والجبال أرساها* متاعا لكم ولأنعامكم . ( النازعات : 32 ، 33 ) .

فالجبال تثبّت الأرض وتحفظ توازنها ، وإليها يلجأ العبّاد والزهاد ، والراغبون في الخلوة ، والهاربون من الحياة .

وفي قللها ورؤوسها نجد الثلوج والمياه ، مثل جبل الشيخ في سوريا الذي تعلوه طبقة بيضاء من الثلج ، تذوب في الصيف وتنزل على الوديان فتسقي الزرع ، وتفيد الإنسان والحيوان .

قال تعالى : وجعلنا من الماء كل شيء حيّ . . . ( الأنبياء : 30 ) .

فالماء في البحار وفي الأنهار ، وفي العيون والآبار ، مصدر حياة ونعمة للإنسان والحيوان والزروع وسائر الأحياء .

ويل يومئذ للمكذبين .

هلاك في يوم القيامة للمكذبين برسل الله ، والكافرين بنعم الله رب العالمين .