[ { لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ } كما في الآية الأخرى : { فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ } { مِنْهَا تَأْكُلُونَ } أي : مما تتخيرون من تلك الفواكه الشهية ، والثمار اللذيذة تأكلون ]{[779]} ولما ذكر نعيم الجنة ، عقبه بذكر عذاب جهنم ، فقال :
ثم نشهد - بعين الخيال - فإذا صحاف من ذهب وأكواب يطاف بها عليهم . وإذا لهم في الجنة ما تشتهيه الأنفس . وفوق شهوة النفوس التذاذ العيون ، كمالاً وجمالاً في التكريم :
( يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب . وفيها ما تشتهيه الأنفس ، وتلذ الأعين ) . .
ومع هذا النعيم . ما هو أكبر منه وأفضل . التكريم بالخطاب من العلي الكريم :
( وأنتم فيها خالدون . وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون . لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون )فما بال المجرمين الذين تركناهم منذ هنيهة يتلاحون ويختصمون ?
القول في تأويل قوله تعالى : { وَتِلْكَ الْجَنّةُ الّتِيَ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مّنْهَا تَأْكُلُونَ } .
يقول تعالى ذكره : يقال لهم : وهذه الجنة التي أورثكموها الله عن أهل النار الذين أدخلهم جهنم بما كنتم في الدنيا تعملون من الخيرات لَكُمْ فِيها يقول : لكم في الجنة فاكهة كثيرة من كلّ نوع مِنْها تَأْكُلُونَ يقول : من الفاكهة تأكلون ما اشتهيتم .
وجملة { لكم فيها فاكهة } صفة ثانية للجنة . والفاكهة : الثمار رطبها ويابسها ، وهي من أحسن ما يستلذّ من المآكل ، وطعومُها معروفة لكل سامع .
ووجه تكرير الامتنان بنعيم المأكل والمشرب في الجنة : أن ذلك من النعيم الذي لا تختلف الطباع البشرية في استلذاذه ، ولذلك قال : { منها تأكلون } كقوله تعالى : { كُلوا من ثمرهِ إذا أثمر } [ الأنعام : 141 ] .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"لَكُمْ فِيها" يقول: لكم في الجنة "فاكهة" كثيرة من كلّ نوع "مِنْها تَأْكُلُونَ" يقول: من الفاكهة تأكلون ما اشتهيتم.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
مثل هذا الوعد كأنه إنما جاء لأهل مكة، فكان لا فواكه لهم فيها ولا ثمار، يخبر أن لكم في الجنة من الفواكه الكثيرة ما لا يفنى، ولا ينقطع.
{منها تأكلون} ما تأكلون فلا يؤذيكم ولا يضرّكم وإن أكثرتم.
ويحتمل أن ما ذكر لما عرف من رغبة الناس إلى الفواكه والثمار في الدنيا، رغّبهم بها في الآخرة، وحثّهم على دفع ذلك لهم...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{مِّنْهَا تَأْكُلُونَ} من للتبعيض، أي: لا تأكلون إلا بعضها، وأعقابها باقية في شجرها، فهي مزينة بالثمار أبداً موقرة بها، لا ترى شجرة عريانة من ثمرها كما في الدنيا...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
لما ذكر الله تعالى الطعام والشراب، ذكر بعده الفاكهة لتتم هذه النعمة والغبطة...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما كان الأكل أعم الحاجات وأعم الطلبات، قال تعالى مبيناً أن جميع أكلهم تفكه ليس فيه شيء تقوتاً؛ لأنه لا فناء فيها لقوة ولا غيرها لتحفظ بالأكل ولا ضعف
{لكم فيها فاكهة} أي ما يؤكل تفكهاً وإن كان لحماً وخبزاً.
ولما كان ما يتفكه في الدنيا قليلاً قال تعالى: {كثيرة} ودل مع الكثرة على دوام النعمة بقصد التفكه بكل شيء فيها بقوله: {منها} أي لا من غيرها مما يلحظ فيه التقوت.
{تأكلون} فلا تنفد أبداً ولا تتأثر بأكل الآكلين؛ لأنها على صفة الماء النابع، لا يؤخذ منه شيء إلا خلف مكانه مثله أو أكثر منه في الحال...
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
{لَكُمْ فِيهَا فاكهة كَثِيرَةٌ} بحسبِ الأنواعِ والأصنافِ لا بحسبِ الأفرادِ فقطْ.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
جملة {لكم فيها فاكهة} صفة ثانية للجنة، والفاكهة: الثمار رطبها ويابسها، وهي من أحسن ما يستلذّ من المآكل، وطعومُها معروفة لكل سامع. ووجه تكرير الامتنان بنعيم المأكل والمشرب في الجنة: أن ذلك من النعيم الذي لا تختلف الطباع البشرية في استلذاذه، ولذلك قال: {منها تأكلون} كقوله تعالى: {كُلوا من ثمرهِ إذا أثمر} [الأنعام: 141]...