قوله تعالى : { وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون } يتبعكم فرعون وقومه ليحولوا بينكم وبين الخروج من مصر . وروي عن ابن جريج قال : أوحى الله تعالى إلى موسى : أن اجمع بني إسرائيل كل أهل أربعة أبيات في بيت ، ثم اذبحوا أولاد الضأن ، فاضربوا بدمائها على أبوابكم ، فإني سآمر الملائكة فلا يدخلوا بيتاً على بابه دم ، وسآمرها ، أبكار آل فرعون من أنفسهم وأموالهم ، ثم اخبزوا خبزاً فطيراً فإنه أسرع لكم ثم أسر بعبادي حتى تنتهي إلى البحر ، فيأتيك أمري ، ففعل ذلك ، فلما أصبحوا قال فرعون : هذا عمل موسى وقومه ، قتلوا أبكارنا من أنفسنا ، وأخذوا أموالنا . فأرسل في أثره ألف ألف وخمسمائة ألف ملك مسور مع كل ملك ألف ، وخرج فرعون في الكرسي العظيم .
ثم لم يزل فرعون وقومه ، مستمرين على كفرهم ، يأتيهم موسى بالآيات البينات ، وكلما جاءتهم آية ، وبلغت منهم كل مبلغ ، وعدوا موسى ، وعاهدوه لئن كشف الله عنهم ، ليؤمنن به ، وليرسلن معه بني إسرائيل ، فيكشفه الله ، ثم ينكثون ، فلما يئس موسى من إيمانهم ، وحقت عليهم كلمة العذاب ، وآن لبني إسرائيل أن ينجيهم من أسرهم ، ويمكن لهم في الأرض ، أوحى الله إلى موسى : { أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي } .
أي : اخرج ببني إسرائيل أول الليل ، ليتمادوا ويتمهلوا في ذهابهم . { إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ } أي : سيتبعكم فرعون وجنوده .
ووقع كما أخبر ، فإنهم لما أصبحوا ، وإذا بنو إسرائيل قد سروا كلهم مع موسى .
وقوله : وأوْحَيْنا إلى مَوسَى أنْ أسْرِ بعِبادِي يقول : وأوحينا إلى موسى إذ تمادى فرعون في غيّه وأبى إلا الثبات على طغيانه بعد ما أريناه آياتنا ، أن أَسْرِ بعبادي : يقول : أن سر ببني إسرائيل ليلاً من أرض مصر إنّكُمْ مُتّبَعُونَ إن فرعون وجنده متبعوك وقومك من بني إسرائيل ، ليحولوا بينكم وبين الخروج من أرضهم ، أرض مصر .
ثم إن الله عز وجل لما أراد إظهار أمره في نجاة بني إسرائيل وغرق فرعون وقومه أمر موسى أن يخرج بني إسرائيل ليلاً من مصر ، وأخبر أنهم سيتبعون وأمره بالسير تجاه البحر ، وأمره بأن يستعير بنو إسرائيل حلي القبط وأموالهم وأن يستكثروا من أخذ أموالهم كيف ما استطاعوا هذا فيما رواه بعض المفسرين ، وأمره باتخاذ خبز الزاد ، فروي أنه أمر باتخاذه فطيراً لأنه أبقى وأثبت ، وروي أن الحركة أعجلتهم عن اختمار خبز الزاد ، وخرج موسى عليه السلام ببني إسرائيل سحراً فترك الطريق إلى الشام على يساره وتوجه نحو البحر ، فكان الرجل من بني إسرائيل يقول له في ترك الطريق فيقول موسى هكذا أمرت ، فلما أصبح فرعون وعلم بسرى موسى ببني إسرائيل خرج في أثرهم وبعث إلى مدائن مصر لتلحقه العساكر ، فروي أنه لحقه ومعه ستمائة ألف أدهم من الخيل حاشى سائر الألوان ، وروي أن بني إسرائيل كانوا ستمائة ألف وسبعين ألفاً قاله ابن عباس والله أعلم بصحته ، وإنما اللازم من الآية الذي يقطع به أن موسى عليه السلام خرج بجمع عظيم من بني إسرائيل وأن فرعون تبعه بأضعاف ذلك العدد ، قال ابن عباس كان مع فرعون ألف جبار كلهم عليه تاج وكلهم أمير خيل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.