{ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين . لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } أى : فلولا أن يونس - عليه السلام - كان من المسبحين لله - تعالى - المداومين على ذكره . لولا هذا التسبيح للبث يونس فى تفريج الكروب ، وإزالة الهموم ، بإذن الله ورحمته . وفى الحديث الشريف : " تعرف إلى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة " .
ورحم الله الإِمام القرطبى فقد قال : " أخبر الله - عز وجل - أن يونس كان من المسبحين ، وأن تسبيحه كان سبب نجاته ، ولذا قيل : إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثَر .
وفى الحديث الشريف : " من استطاع منكم أن تكون له خبيثة من عمل صالح فليفعل " فليجتهد العبد ، ويحرص على خصلة من صالح عمله ، يخلص فيها بينه وبين ربه ، ويدخرها ليوم فاقته وفقره ، ويسترها عن خلق الله ، لكى يصل إليه نفعها وهو أحوج ما يكون إليه .
قال الله عز وجل : { فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } ، وإن فرعون كان طاغياً باغياً فلما أدركه الغرق قال آمنت فلم ينفعه ذلك ، فاذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة .
وقال قتادة في الحكمة : إن العمل يرفع صاحبه إذ عثر فإذا صرع وجد متكئاً ، وقال الحسن بن أبي الحسن : كانت سبحته صلاة في بطن الحوت ، وروي أنه كان يرفع لحم الحوت بيديه ويقول يا رب لأبنين لك مسجداً حيث لم يبنه أحد قبلي ويصلي ، وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يونس حين نادى في الظلمات ، ارتفع نداؤه إلى العرش فقالت الملائكة : يا رب هذا صوت ضعيف من موضع غربة ، فقال الله هو عبدي يونس فأجاب الله دعوته .
قال القاضي أبو محمد : وذكر الحديث{[9892]} وقال ابن جبير الإشارة بقوله { من المسبحين } إلى قوله { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين }{[9893]} [ الأنبياء : 87 ] .
قال القاضي أبو محمد : وكثر الناس في هذا القصص بما اختصرناه لعدم الصحة .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
فولا ذلك {للبث في بطنه} عقوبة فيه.
{إلى يوم يبعثون} الناس من قبورهم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 143]
يقول تعالى ذكره:"فَلَوْلا أَنَّهُ" يعني يونس "كَانَ مِنَ "المُصَلِّينَ لله قبل البلاء الذي ابتُلي به من العقوبة بالحبس في بطن الحوت "لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" يقول: لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة، يوم يبعث الله فيه خلقه محبوسا، ولكنه كان من الذاكرين الله قبل البلاء، فذكره الله في حال البلاء، فأنقذه ونجَّاه.
وقد اختلف أهل التأويل في وقت تسبيح يونس الذي ذكره الله به،
فقال "فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ"؛
فقال بعضهم نحو الذي قلنا في ذلك...عن قتادة "فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ": كان كثير الصَّلاةِ في الرّخاء، فنجَّاه الله بذلك; قال: وقد كان يقال في الحكمة: إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا ما عَثَر، فإذا صُرع وجد متكئا...
وقيل: إنما أحدث الصلاة التي أخبر الله عنه بها، فقال: "فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ" في بطن الحوت..
وقال بعضهم: كان ذلك تسبيحا، لا صلاة...
عن سعيد بن جُبَير: "فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ" قال: قال: "لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" فلما قالها، قذفه الحوت، وهو مغرب...
عن قتادة، قوله "لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ": لصار له بطن الحوت قبرًا إلى يوم القيامة.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
الظاهر لبثه فيه حياً إلى يوم البعث...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{للبث في بطنه} حيّاً أو بأن يكون غذاء له فتختلط أجزاؤه باجزائه.
{إلى يوم يبعثون} هو والحوت وغيرهما من الخلائق، وعبر بالجمع لإفادة عموم البعث، ولو أفرد لم يفد بعث الحيوانات العجم، ولو ثنى لظن أن ذلك له وللحوت خاصة لمعنى يخصها فلا يفيد بعث غيرهما...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.