ثم بين - سبحانه - ما سيحل بهم من عذاب فى هذا اليوم فقال : { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضآلون المكذبون لآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ . . } .
والجملة الكريمة معطوفة على قوله - تعالى - : { قُلْ إِنَّ الأولين والآخرين لَمَجْمُوعُونَ . . . } وداخلة فى حيز القول . و { ثُمَّ } للتراخى الزمانى أو الرتبى والخطاب للمشركين الذين أعرضوا عن دعوة النبى - صلى الله عليه وسلم - .
و { مِن } فى قوله : { مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } ابتدائية ، وفى قوله : { مِّن زَقُّومٍ } بيانية .
وشجر الزقوم : لا وجود له فى الدنيا ، وإنما يخلقه الله - تعالى - فى النار كما يخلق غيره من أصناف العذاب ، كالحيات والعقارب .
وقيل : هو شجر سام ، متى مسه جسد إنسان ، تورم هذا الإنسان ومات ويوجد هذا الشجر فى الأراضى المجدبة المجاورة للصحراء .
والزقوم من التزقم ، وهو ابتلاع الشىء الكريه ، بمشقة شديدة .
والمعنى : ثم قل لهم - أيها الرسول الكريم - على سبيل التقريع والتبكيت : إنكم أيها الضالون عن الحق . المكذبون بالبعث والجزاء ، لآكلون يوم القيامة من شجر ، هو شجر الزقوم ، الذى هو أخبث الشجر وأبشعه .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره لأصحاب الشمال: ثم إنكم أيها الضالون عن طريق الهدى، المكذّبون بوعيد الله ووعده، لآكلون من شجر من زقوم.
ما الزقوم؟ نقول: قد بيناه في موضع آخر واختلف فيه أقوال الناس ومآل الأقوال إلى كون ذلك في الطعم مرا وفي اللمس حارا، وفي الرائحة منتنا، وفي المنظر أسود لا يكاد آكله يسيغه فيكره على ابتلاعه، والتحقيق اللغوي فيه أن الزقوم لغية عربية دلنا تركيبه على قبحه، وذلك لأن زق لم يجتمع إلا في مهمل أو في مكروه منه مزق، ومنه زمق شعره إذا نتفه، ومنه القزم للدناءة، وأقوى من هذا أن القاف مع كل حرف من الحرفين الباقيين يدل على المكروه في أكثر الأمر، فالقاف مع الميم قمامة وقمقمة، وبالعكس مقامق، الغليظ الصوت والقمقمة هو السور، وأما القاف مع الزاي فالزق رمي الطائر بذرقه، والزقزقة الخفة، وبالعكس القزنوب فينفر الطبع من تركيب الكلمة من حروف اجتماعها دليل الكراهة والقبح، ثم قرن بالأكل فدل على أنه طعام ذو غضة، وأما ما يقال بأن العرب تقول: زقمتني بمعنى أطعمتني الزبد والعسل واللبن، فذلك للمجانة كقولهم: أرشقني بثوب حسن، وأرجمني بكيس من ذهب.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ولا يدري أحد ما شجرة الزقوم إلا ما وصفها الله به في سورة أخرى من أن طلعها كرؤوس الشياطين. ورؤوس الشياطين لم يرها أحد ولكنها تلقي في الحس ما تلقيه! على أن لفظ (الزقوم) نفسه يصور بجرسه ملمسا خشنا شائكا مدببا يشوك الأكف -بله الحلوق- وذلك في مقابل السدر المخضود والطلح المنضود -ومع أن الزقوم كرؤوس الشياطين! فإنهم لآكلون منها...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.