الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لَأٓكِلُونَ مِن شَجَرٖ مِّن زَقُّومٖ} (52)

قوله : { مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } : فيه أوجه ، أحدها : أَنْ تكونَ " مِنْ " الأولى لابتداء الغاية ، والثانية للبيان أي : مُبْتَدِئون الأكلَ من شجرٍ هو زَقُّوم . الثاني : أَنْ تكونَ " مِنْ " الثانيةُ صفةً لشجر ، فتتعلَّقَ بمحذوفٍ أي : مستقرٍ . والثالث : أَنْ تكونَ " مِنْ " الأولى مزيدةً أي : لآكلون شجراً ، و " مِنْ " الثانيةُ على ما تقدَّم فيها من الوجهَيْن . الرابع : عكسُ هذا ، وهو أَنْ تكونَ الثانيةُ مزيدةً أي : لآكلون زَقُّوماً ، و " مِنْ " الأُولى للابتداء ، أو في محلِّ نصبٍ على الحال مِنْ " زَقُّوم " أي : كائناً مِنْ شجرٍ ، ولو تأخَّر لكان صفةً . الخامس : أنَّ " مِنْ شجر " صفةٌ لمفعولٍ محذوفٍ أي : لآكلون شيئاً مِنْ شجرٍ ، " ومِنْ زَقُّوم " على هذا نعتٌ لشجر ، أو لشيء المحذوفِ . السادس : أنَّ الأولى للتبعيض ، والثانيةَ بدلٌ منها ، والضميرُ في " منها " عائدٌ على الشجر . وفي " عليه " للشجر أيضاً ، وقد تقدَّم أنه يجوزُ تذكيرُ اسم الجنس وتأنيثُه ، وأنهما لغتان . وقيل : في " عليه " عائدةٌ على الزقوم . وقال أبو البقاء : " للمأكول " . وقال ابن عطية : " للمأكول أو الأكل " . انتهى وفي قوله : " الأكل " بُعْدٌ . وقال الزمخشري : " وأنَّثَ ضميرَ الشجر على المعنى ، وذكَّره على اللفظ في " منها " و " عليه " . ومَنْ قرأ { مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } فقد جعل الضميرين للشجرةِ ، وإنما ذكَّر الثاني على تأويلِ الزَّقُّوم لأنه تفسيرُها " .