وقوله : { وَأمّا مَنْ خَفّتْ مَوَازِينُهُ فأُمّهُ هاوِيَةٌ } يقول : وأما من خفّ وزن حسناته ، فمأواه ومسكنه الهاوية ، التي يهوي فيها على رأسه في جهنم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة { وَأمّا مَنْ خَفّتْ مَوَازِينُهُ فأُمّهُ هاويَةٌ } وهي النار ، هي مأواهم .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { فَأُمّهُ هاوِيَةٌ } قال : مصيره إلى النار ، هي الهاوية . قال قتادة : هي كلمة عربية ، كان الرجل إذا وقع في أمر شديد ، قال : هوت أمه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الأشعث بن عبد الله الأعمى ، قال : إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين ، فيقولون : رَوّحوا أخاكم ، فإنه كان في غمّ الدنيا . قال : ويسألونه ما فعل فلان ؟ فيقول : مات ، أَو مَا جاءكم ؟ فيقولون : ذهبوا به إلى أمّه الهاوية .
حدثني إسماعيل بن سيف العجليّ ، قال : حدثنا عليّ بن مُسْهِر ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن أبي صالح ، في قوله { فَأُمّهُ هاوِيَةٌ } قال : يهوُون في النار على رؤوسهم .
حدثنا ابن سيف ، قال : حدثنا محمد بن سَوّار ، عن سعيد ، عن قتادة { فَأُمّهُ هاوِيَةٌ } قال : يهوى في النار على رأسه .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { فَأُمّهُ هاوِيَةٌ } قال : الهاوية : النار هي أمّه ومأواه التي يرجع إليها ، ويأوي إليها ، وقرأ : { وَمأوَاهُمُ النّارُ } .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { فَأُمّهُ هاوِيَةٌ } وهو مثلها ، وإنما جعل النار أمّه ؛ لأنها صارت مأواه ، كما تؤوي المرأة ابنها ، فجعلها إذ لم يكن له مأوى غيرها ، بمنزلة أمّ له .
و «الموازين » : هي التي في القيامة ، فقال جمهور العلماء والفقهاء والمحدثين : ميزان القيامة بعمود ، ليبين الله أمر العباد بما عهدوه وتيقنوه . وقال مجاهد : ليس تم ميزان ؛ إنما هو العدل ، مثل ذكره بالميزان ؛ إذ هو أعدل ما يدري الناس ، وجمعت الموازين للإنسان لما كانت له موزونات كثيرة متغايرة ، وثقل هذا الميزان هو بالإيمان والأعمال ، وخفته بعدمها وقلتها ، ولن يخف خفة موبقة ميزان مؤمن .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وأما من خفّ وزن حسناته ، فمأواه ومسكنه الهاوية ، التي يهوي فيها على رأسه في جهنم . ...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
مَنْ خَفَّتْ موازينه من الطاعات - وهم الكفارُ - فمأواه هاوية . ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ وأما من خفت } أي طاشت { موازينه } أي بأن غلبت سيئاته ، أو لم تكن له حسنة لاتباعه الباطل ، وخفته عليه في الدنيا . ...
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
يقال : خف ميزانه : أي سقطت قيمته ، فكأنه ليس بشيء حتى لو وضع في كفة ميزان لم يرجح بها على أختها ، ومن كان في الدنيا كثير الشر ، قليل فعل الخير ، فدسّى نفسه بالشرك واجتراح المعاصي ، وعاث في الأرض فسادا ، لم يكن شيئا ، فلا ترجح له كفة ميزان لو وضع فيها . وعلى الجملة فعلينا أن نؤمن بما ذكره الله من الميزان في هذه الآية ، وفي قوله : { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } [ الأنبياء : 47 ] ومن وزن الأعمال ، وتمييز مقدار لكل عمل ، وليس علينا أن نبحث وراء ذلك ، فلا نسأل كيف يزن ، ولا كيف يقدر ؟ فهو أعلم بغيبه ، ونحن لا نعلم . ....
التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :
وأما من رجحت سيئاته على حسناته ، فخفت كفة الحسنات في ميزانه ، فالنار هي أمه ومأواه كما قال ابن زيد وقتادة ، وبذلك يكون قوله تعالى هنا : { وما أدراك ماهيه10 نار حامية11 } ، تفسيرا قرآنيا " للهاوية " ....
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } وهو الذي عاش الحياة عبثاً ولهواً واستغراقاً في شهواته ولذاته ، وإخلاداً إلى الأرض في كل أوضاعها المادية .... فإنه لا يملك أيّ وزن للقيمة في ميزان التقويم الأخروي عند الله سبحانه ، وهذا هو الذي يجعل الجزاء في صورة العمل . ...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.