{ 42 } { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ }
والأمر بالسير في الأرض يدخل فيه السير بالأبدان{[653]} والسير في القلوب للنظر والتأمل بعواقب المتقدمين .
{ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ } تجدون عاقبتهم شر العواقب ومآلهم شر مآل ، عذاب استأصلهم وذم ولعن من خلق اللّه يتبعهم وخزي متواصل ، فاحذروا أن تفعلوا فعالهم يُحْذَى بكم حذوهم فإن عدل اللّه وحكمته في كل زمان ومكان .
ثم يلفت - سبحانه - أنظار الناس إلى سوء عاقبة من ارتكس فى الشرك والظلم ، فيقول : { قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض فانظروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } . أى : قل - أيها الرسول الكريم - للناس : سيروا فى الأرض سير المتأملين المعتبرين ، لتروا بأعنيكم ، كيف كانت عاقبة الظالمين من قبلكم .
لقد كانت عاقبتهما الدمار والهلاك ، بسبب إصرار أكثرهم على الشكر والكفر ، وانغماس فريق منهم فى المعاصى والفواحش .
فالمراد بالسير ، ما يترتب عليه من عظات وعبر ، حتى لا تكون عاقبة اللاحقين ، كعاقبة السابقين ، فى الهلاك والنكال .
القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ سِيرُواْ فِي الأرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مّشْرِكِينَ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله من قومك : سِيروا في البلاد ، فانظروا إلى مساكن الذين كفروا بالله من قبلكم ، وكذّبوا رسلَه ، كيف كان آخر أمرهم ، وعاقبة تكذيبهم رسُلَ الله وكفرهم ألم نهلكهم بعذاب منا ، ونجعلهم عبرة لمن بعدهم ؟ كان أكثرهم مشركين يقول : فَعَلنا ذلك بهم ، لأن أكثرهم كانوا مشركين بالله مثلَهم .
لما وعظهم بما أصابهم من فساد الأحوال ونبههم إلى أنها بعض الجزاء على ما كسبت أيديهم عرَّض لهم بالإنذار بفساد أعظم قد يحلّ بهم مثله وهو ما أصاب الذين من قبلهم بسبب ما كانوا عليه من نظير حال هؤلاء في الإشراك فأمرهم بالسير في الأرض والنظر في مصير الأمم التي أشركت وكذبت مثل عاد وثمود وقوم لوط وغيرهم لأن كثيراً من المشركين قد اجتازوا في أسفارهم بديار تلك الأمم كما قال تعالى { وإنكم لتَمُرُّون عليهم مُصْبِحين وبالليل أفلا تعقلون } [ الصافات : 137 138 ] . فهذا تكرير وتأكيد لقوله السابق { أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } [ الروم : 9 ] ، وإنما أعيد اهتماماً بهذه العبرة مع مناسبة قوله { ليذيقهم بعض الذي عملوا } [ الروم : 41 ] .
والعاقبة : نهاية الأمر . والمراد بالعاقبة الجنس ، وهو متعدد الأفراد بتعدد الذين من قبل ، ولكل قوم عاقبة .
وجملة { كان أكثرهم مشركين } واقعة موقع التعليل لجملة { كيف كان عاقبة الذين من قبل } ، أي سبب تلك العاقبة المنظورة هو إشراك الأكثرين منهم ، أي أن أكثر تلك الأمم التي شوهدت عاقبتُها الفظيعة كان من أهل الشرك فتعلمون أن سبب حلول تلك العاقبة بهم هو شركهم ، وبعض تلك الأمم لم يكونوا مشركين وإنما أصابهم لتكذيبهم رسلهم مثل أهل مدين قال تعالى : { أكُفَّارُكُم خيرٌ من أولئكم } [ القمر : 43 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.