لما طال مقام نبي الله بين أظهرهم يدعوهم إلى الله ليلا ونهارًا ، وجهرًا وإسرارًا ، وكلما كرر عليهم الدعوة صمموا على الكفر الغليظ ، والامتناع الشديد ، وقالوا في الآخر : { لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ } أي : عن دعوتك إيانا إلى دينك يا نوح { لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ } أي : لنرجمنَّك{[21802]} . فعند ذلك دعا عليهم دعوة استجاب الله منه ، فقال { رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ . فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } ، كما قال في الآية الأخرى : { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ . فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ . وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ . وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ . تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ } [ القمر : 10 - 14 ] .
وقال هاهنا { فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ . } . والمشحون : هو المملوء بالأمتعة والأزواج التي حمل فيه من كل زوجين اثنين ، أي : نجيناه{[21803]} ومن معه{[21804]} كلهم ، وأغرقنا مَنْ كذبه وخالف أمره كلهم ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ . وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مّؤْمِنِينَ * وَإِنّ رَبّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرّحِيمُ } .
يقول تعالى ذكره : إن فيما فعلنا يا محمد بنوح ومن معه من المؤمنين في الفلك المشحون ، حين أنزلنا بأسنا وسطوتنا ، بقومه الذين كذّبوه ، لاَية لك ولقومك المصدّقيك منهم والمكذّبيك ، في أن سنتنا تنجية رسلنا وأتباعهم ، إذا نزلت نقمتنا بالمكذّبين بهم من قومهم ، وإهلاك المكذّبين بالله ، وكذلك سنتي فيك وفي قومك . وَما كانَ أكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ يقول : ولم يكن أكثر قومك بالذين يصدّقونك مما سبق في قضاء الله أنهم لن يؤمنوا وَإنّ رَبّكَ لَهُوَ العَزِيزُ في انتقامه ممن كفر به ، وخالف أمره الرّحِيمُ بالتائب منهم ، أن يعاقبه بعد توبته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.