{ 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ }
أي : إذا انشقت السماء وانفطرت ، وانتثرت{[1369]} نجومها ، وزال جمالها ، وفجرت البحار فصارت بحرا واحدا ، وبعثرت القبور بأن أخرجت{[1370]} ما فيها من الأموات ، وحشروا للموقف بين يدي الله للجزاء على الأعمال . فحينئذ ينكشف الغطاء ، ويزول ما كان خفيا ، وتعلم كل نفس ما معها من الأرباح والخسران ، هنالك يعض الظالم على يديه إذا رأى أعماله باطلة ، وميزانه قد خف ، والمظالم قد تداعت إليه ، والسيئات قد حضرت لديه ، وأيقن بالشقاء الأبدي والعذاب السرمدي{[1371]} .
و [ هنالك ] يفوز المتقون المقدمون لصالح الأعمال بالفوز العظيم ، والنعيم المقيم والسلامة من عذاب الجحيم .
ومعنى : { بعثرت } : انقلبَ باطنها ظاهِرَها ، والبعثرة : الانقلاب ، يقال : بعثر المتاع إذا قلب بعضه على بعض . قال في « الكشاف » : « بعثر مركب من البعث مع راء ضُمت إليه » . وقال البيضاوي قيل : إن بعثر مركب من بعث وراء الإِثارة كبسمل اه ، ونقل مثله عن السهيلي . وأن بعثر منحوت من بعث وإثارة مثل : بسمل ، وحَوْقل ، فيكون في بعثر معنى فعلين بَعَثَ وأثَار ، أي أخرج وقلب ، فكأنه قلب لأجل إخراج ما في المقلوب .
والذي اقتصر عليه أيمة اللغة أن معنى بعثر : قلب بَعض شيء على بعضه .
وبعثرة القبور : حالة من حالات الانقلاب الأرضي والخسف خصت بالذكر من بين حالات الأرض لما فيها من الهول باستحضار حالة الأرض وقد ألقت على ظاهرها ما كان في باطن المقابر من جثث كاملة ورفات ، فإن كان البعث عن عدم كما مال إليه بعض العلماء أو عن تفريق كما رآه بعض آخر ، فإن بعث الأجساد الكاملة يجوز أن يختص بالبعث عن تفريق ويختص بعث الأجساد البالية والرمم بالكون عن عدم .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وإذا القبور بعثرت} يعني بحثت عن من فيها من الموتى.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وإذا القبور أُثيرت، فاستخرج من فيها من الموتى أحياء. يقال: بعثر فلان حوض فلان: إذا جعل أسفله أعلاه... عن ابن عباس، في قوله:"وَإذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ "يقول: بُحثت...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي بعث من فيها، أي تقذف القبور من فيها...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
والبعثرة: إثارة الشيء بقلب باطنه إلى ظاهره...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
بعثر وبحثر بمعنى، وهما مركبان من البعث والبحث... والمعنى: بحثت وأخرج موتاها...
في فائدة هذا الترتيب: واعلم أن المراد من هذه الآيات بيان تخريب العالم وفناء الدنيا، وانقطاع التكاليف، والسماء كالسقف، والأرض كالبناء، ومن أراد تخريب دار، فإنه يبدأ أولا بتخريب السقف، وذلك هو قوله: {إذا السماء انفطرت} ثم يلزم من تخريب السماء انتثار الكواكب، وذلك هو قوله: {وإذا الكواكب انتثرت} ثم إنه تعالى بعد تخريب السماء والكواكب يخرب كل ما على وجه الأرض وهو قوله: {وإذا البحار فجرت} ثم إنه تعالى يخرب آخر الأمر الأرض التي هي البناء، وذلك هو قوله: {وإذا القبور بعثرت} فإنه إشارة إلى قلب الأرض ظهرا لبطن، وبطنا لظهر...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{وإذا القبور} أي مع ذلك كله {بعثرت} أي نبش ترابها على أسهل وجه عن أهلها فقاموا أحياء كما كانوا، فرأوا ما أفظعهم وهالهم وروّعهم...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وبعثرة القبور: حالة من حالات الانقلاب الأرضي والخسف خصت بالذكر من بين حالات الأرض لما فيها من الهول باستحضار حالة الأرض وقد ألقت على ظاهرها ما كان في باطن المقابر من جثث كاملة ورفات...