{ اصلوها اليوم بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } أى : ذوقوا حرها ولهيبها وسعيرها ، بسبب كفركم فى الدنيا ، وموتكم على هذا الكفر .
والأمر فى قوله - تعالى - : { اصلوها } للتحقير والإِهانة ، كما فى قوله - تعالى - : { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم } والذين يأمرونهم بذلك هم خزنة النار ، بأمر من الله - تعالى - .
يقال للكفرة من بني آدم يوم القيامة ، وقد برزَت الجحيم لهم تقريعًا وتوبيخًا : { هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } أي : هذه التي حذرتكم الرسل فكذبتموهم ، { اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } ، كما قال تعالى : { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا * هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ } [ الطور : 13 - 15 ] .
{ اصلوها } أمر من صلي يصلى ، إذا استدفأ بحرّ النار ، وإطلاق الصلْي على الإِحراق تهكّم .
والتعريف في { اليومَ } تعريف العهد ، أي هذا اليوم الحاضر وأريد به جواب ما كانوا يقولون في الحياة الدنيا من استبطاء الوعد والتكذيب إذ يقولون { متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } [ يونس : 48 ] . m
والباء في { بِما كنتم تَكْفُرونَ } سببية ، أي بسبب كفركم في الدنيا .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
لما ألقوا في النار قالت لهم الخزنة: {اصلوها اليوم} في الآخرة.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"اصْلَوْها اليَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ" يقول: احترقُوا بها اليوم ورِدُوها يعني باليوم: يوم القيامة، "بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ": يقول: بما كنتم تَجْحدونها في الدنيا، وتكذّبون بها.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي ادخلوها اليوم بما كنتم تكذّبون بها، والله أعلم.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
معناه الزموا العذاب بها، وأصل الصلو اللزوم.
"بما كنتم تكفرون" أي جزاء على كفركم بالله وجحدكم لوحدانيته وتكذيبكم أنبياءه.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
في هذا الكلام ما يوجب شدة ندامتهم وحسرتهم من ثلاثة أوجه:
أحدها: {اصلوها} فإنه أمر تنكيل وإهانة كقوله: {ذق إنك أنت العزيز الكريم}.
والثاني: {اليوم} يعني العذاب حاضر، ولذاتك قد مضت، وأيامها قد انقضت، وبقي اليوم العذاب.
الثالث: {بما كنتم تكفرون} فإن الكفر والكفران ينبئ عن نعمة كانت يكفر بها، وحياء الكفور من المنعم من أشد الآلام.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{اصلوها} أي قاسوا حرها وتوقدها واضطرامها، وهوّل أمر ذلك اليوم بإعادة ذكره على حد ما مضى فقال: {اليوم} لتكونوا في شغل شاغل كما كان أصحاب الجنة، وشتان ما بين الشغلين {بما} أي بسبب ما. ولما كانوا قد تجلدوا على الطغيان تجلد من هو مجبول عليه، بيّن ذلك بذكر الكون فقال: {كنتم تكفرون} أي تسترون ما هو ظاهر جداً بعقولكم من آياتي مجددين ذلك مستمرين عليه...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
{اصلوها} أمر من صلي يصلى، إذا استدفأ بحرّ النار، وإطلاق الصلْي على الإِحراق تهكّم.
والتعريف في {اليومَ} تعريف العهد، أي هذا اليوم الحاضر وأريد به جواب ما كانوا يقولون في الحياة الدنيا من استبطاء الوعد والتكذيب إذ يقولون {متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [يونس: 48].
والباء في {بِما كنتم تَكْفُرونَ} سببية، أي بسبب كفركم في الدنيا.