السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱصۡلَوۡهَا ٱلۡيَوۡمَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (64)

{ اصلوها } أي : قاسوا حرها وتوقدها وهول أمر ذلك اليوم فإن ذكره على حد ما مضى بقوله تعالى : { اليوم } ليكونوا في شغل شاغل كما كان أصحاب الجنة وشتان ما بين الشغلين { بما } أي : بسبب ما { كنتم تكفرون } أي : تسترون ما هو ظاهر جداً بعقولكم من آياتي في دار الدنيا .

تنبيه : في هذا الكلام ما يوجب شدة ندامتهم وحزنهم من ثلاثة أوجه أحدها : قوله تعالى { اصلوها } أمر تنكيل وإهانة كقوله تعالى { ذق إنك أنت العزيز الكريم } ( الدخان : 49 ) ثانيها : قوله تعالى { اليوم } يعني : العذاب حاضر ولذاتهم قد مضت وبقي اليوم العذاب . ثالثها : قوله تعالى { بما كنتم تفكرون } فإن الكفر والكفران ينبئ عن نعمة كانت فكفر بها وحياء الكفور من المنعم من أشد الآلام كما قيل :

أليس بكاف لذي همة *** حياء المسيئ من المحسن