وقوله : ( وَسَلامٌ على المُرْسَلِينَ ) : يقول : وأمنَة من الله للمرسلين الذين أرسلهم إلى أممهم الذي ذكرهم في هذه السورة وغيرهم من فزع يوم العذاب الأكبر ، وغير ذلك من مكروه أن ينالهم من قِبل الله تبارك وتعالى .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وَسَلامٌ على المُرْسَلِينَ ) : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذَا سَلّمْتُمْ عَليّ فَسَلّمُوا عَلى المُرْسَلِينَ ، فإنّمَا أنا رَسُولٌ مِنَ المُرْسَلِينَ » .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إذا سلمتم عليَّ فسلموا على المرسلين ، فإنما أنا أحدهم » وباقي الآية بين ، وذكر أبو حاتم عن صالح بن ميناء قال : قرأت على عاصم بن أبي النجود فلما ختمت هذه السورة سكت فقال لي : إيه اقرأ ، قلت قد ختمت ، فقال كذلك فعلت على أبي عبد الرحمن وقال لي كما قلت لك ، وقال لي كذلك قال لي علي بن أبي طالب ، وقال : «وقل آذنتكم بإذانة المرسلين لتسألن عن النبإ العظيم » ، وفي مصحف عبد الله «عن هذا النبإ العظيم » .
وتنكير { سلام } للتعظيم . ووصف { المُرْسَلِينَ } يشمل الأنبياء والملائكة فإن الملائكة مُرسلون فيما يقومون به من تنفيذ أمر الله .
روى القرطبي في « تفسيره » بسنده إلى يحيى بن يحيى التميمي النيسابُوري إلى أبي سعيد الخدْري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين يقول آخر صلاته أو حينَ ينصرف : { سبحان ربك رب العزة عمَّا يصفون وسلامٌ على المُرسلينَ } .
ومن المروي عن علي بن أبي طالب « مَن أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل آخرَ مجلسه حينَ يريد أن يقوم { سبحان ربك رب العزة عما يصفون } إلى آخر السورة ، وفي بعض أسانيده أنه رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصح » .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"وَسَلامٌ على المُرْسَلِينَ": يقول: وأمنَة من الله للمرسلين الذين أرسلهم إلى أممهم الذي ذكرهم في هذه السورة وغيرهم من فزع يوم العذاب الأكبر، وغير ذلك من مكروه أن ينالهم من قِبل الله تبارك وتعالى.
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
أحدهما: سلامه عليهم إكراماً لهم.
الثاني: قضاؤه بسلامتهم بعد إرسالهم فإنه ما أمر نبي بالقتال إلا حرس من القتل.
اعلم أن أكثر الخلق ناقصون ولا بد لهم من مكمل يكملهم ومرشد يرشدهم، وهاد يهديهم، وما ذلك إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وبديهة الفطرة شاهدة بأنه يجب على الناقص الاقتداء بالكامل، فنبه على هذا الحرف بقوله: {وسلام على المرسلين} لأن هذا اللفظ يدل على أنهم في الكمال اللائق بالبشر فاقوا غيرهم، ولا جرم يجب على كل من سواهم الاقتداء بهم...
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
تعميم للرسل بالتسليم بعد تخصيص بعضهم...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
سلام الله عليهم في الدنيا والآخرة؛ لسلامة ما قالوه في ربهم، وصحته وحقيته...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{وسلام} أي تنزه له وسلامة وشرف وفخر وعلا.
{على المرسلين} أي الواصفين له بما هو له أهل الذين اصطفاهم، الصافين صفًّا الزاجرين زجراً، التالين ذكراً، من البشر والملائكة المذكورين في هذه السورة وغيرهم لأجل ما حكم لهم من سبحانه في الأزل من العز والنصر...
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
تشريفٌ لهم عليهم السَّلامُ بعد تنزيهِه تعالى عمَّا ذُكر وتنويهٌ بشأنِهم وإيذانٌ بأنَّهم سالمون عن كلِّ المكارِه فائزونَ بجميعِ المآربِ...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
{وَسَلاَمٌ عَلَىٰ الْمُرْسَلِينَ} أي: جميعاً لأنهم وإنْ كلَّفونا في بعض الأحيان ما يشقُّ على النفس إلا أنهم أخذوا بأيدينا إلى بَرِّ الأمان والنجاة، فعليهم مِنّا السلام كلما ذكرناهم نصلي ونُسلِّم عليهم.