قوله تعالى : { إن هذا } ما هذا ، { إلا خلق الأولين } قرأ ابن كثير ، وأبو جعفر ، وأبو عمرو ، والكسائي ، ويعقوب : { خلق } بفتح الخاء وسكون اللام ، أي : اختلاق الأولين وكذبهم ، دليل هذه القراءة قوله تعالى : { وتخلقون إفكاً } وقرأ الآخرون { خلق } بضم الخاء واللام ، أي : عادة الأولين من قبلنا ، وأمرهم أنهم يعيشون ما عاشوا ثم يموتون ولا بعث ولا حساب{ وما نحن بمعذبين* فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين* وإن ربك لهو العزيز الرحيم } .
{ إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الأولين } أى : ما هذا الذى تنهانا عنه من التطاول فى البنيان ، ومن اتخاذ المصانع . . إلا خلق آبائنا الأولين ، ومنهجهم فى الحياة ، ونحن على آثارهم نسير وعلى منهجهم نمشي .
قال القرطبى ما ملخصه : قرأ أكثر القراء { إِلاَّ خُلُقُ الأولين } - بضم الخاء واللام - أى : عادتهم ودينهم ومذهبهم وما جرى عليه أمرهم . . .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائى إلا خلق الأولين - بفتح الخاء وإسكان اللام - أى : ما هذا الذى جئتنا به يا هود إلا اختلاق الأولين وكذبهم ، والعرب تقول : حدثنا فلان بأحاديث الخلق ، أى : بالخرافات والأحاديث المفتعلة .
وعلى كلتا القراءاتين فالآية الكريمة تصور ما كانوا عليه من تحجر وجهالة تصويرا بليغا .
وقولهم : { إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ } : قرأ بعضهم : " إن هذا إلا خَلْق " بفتح الخاء وتسكين اللام .
قال ابن مسعود ، والعوفي عن عبد الله بن عباس ، وعلقمة ، ومجاهد : يعنون ما هذا الذي جئتنا به إلا أخلاق الأولين . كما قال المشركون من قريش : { وقالوا أساطير الأولين [ اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا } [ الفرقان : 5 ] ، وقال : { وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين } [ الفرقان : 4 ، 5 ] ، وقال { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ{[21813]} مَاذَا أَنزلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ } ] {[21814]} [ النحل : 24 ] .
وقرأ آخرون : { إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ } - بضم الخاء واللام - يعنون : دينهم وما هم عليه من الأمر هو دين الأوائل من الآباء والأجداد . ونحن تابعون لهم ، سالكون وراءهم ، نعيش كما عاشوا ، ونموت كما ماتوا ، ولا بعث ولا معاد ؛ ولهذا قالوا : { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } .
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : { إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ } يقول : دين الأولين . وقاله عكرمة ، وعطاء الخراساني ، وقتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، واختاره ابن جرير{[21815]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.