المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُۥ وَمَا لَا يَنفَعُهُۥۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ} (12)

12- يعبد هذا الخاسر من دون الله أصناماً لا تضره إن لم يعبدها ، ولا تنفعه إن عبدها ، ذلك الفعل منه هو الضلال البعيد عن الحق والصواب .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُۥ وَمَا لَا يَنفَعُهُۥۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ} (12)

قوله تعالى : { يدعو من دون الله ما لا يضره } إن عصاه ولم يعبده { وما لا ينفعه } إن أطاعه وعبده ، { ذلك هو الضلال البعيد } عن الحق والرشد .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُۥ وَمَا لَا يَنفَعُهُۥۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ} (12)

ثم بين - سبحانه - مظاهر خسران هذا المذبذب ، وأحواله القبيحة فقال : { يَدْعُو مِن دُونِ الله مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ . . . } .

أى : يعبد سوى الله - تعالى - أوثاناً وأصناماً ، إن ترك عبادتها لا تستطيع أن تضره ، وإن عبدها فلن تستطيع أن تنفعه .

و { ذلك } الذى يفعله هذا الشقى من عبادته لما لا يضر ولا ينفع { هُوَ الضلال البعيد } بعداً شاسعاً عن كل صواب ورشاد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُۥ وَمَا لَا يَنفَعُهُۥۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ} (12)

وقوله تعالى : { ما لا يضره } يريد الأوثان ، ومعنى { يدعو } يعبد ، ويدعو أيضاً في ملماته ، واختلف الناس في قوله تعالى : { يدعو لمن ضره } فقالت فرقة من الكوفيين اللام مقدمة على موضعها وإنما التقدير «يدعو من لضره » ، ويؤيد هذا التأويل أن عبد الله بن مسعود قرأ «يدعو من ضره » وقال الأخفش { يدعو } بمعنى يقول ، و { من } مبتدأ و { ضره } مبتدأ ، و { أقرب } خبره ، والجملة صلة ، وخبر { من } محذوف والتقدير يقول لمن ضره أقرب منه نفعه إله وشبه هذا ، يقول عنترة : «يدعون عنتر والرماح كأنها {[8316]} » ع وهذا القول فيه نظر فتأمل إفساده للمعنى إذ لم يعتقد الكافر قط أن ضر الأوثان أقرب من نفعها واعتذار أبي علي هنا مموه ، وأيضاً فهو لا يشبه البيت الذي استشهد به{[8317]} ، وقيل المعنى في { يدعو } يسمى ، وهذا كالقول الذي قبله ، إلا أن المحذوف آخراً مفعول تقديره إلهاً{[8318]} ، وقال الزجاج يجوز أن يكون { يدعو } في موضع الحال وفيه هاء محذوفة والتقدير ذلك هوالضلال البعيد يدعو أو يدعوه ، فيوقف على هذا{[8319]} ، قال أبو علي ويحسن أن يكون ذلك بمعنى الذي ، أي الذي هو الضلال البعيد { يدعو } فيكون قوله ذلك موصلاً بقوله { ذلك هو الضلال البعيد } ويكون { يدعو } عاملاً في قوله { ذلك } ع كون { ذلك } بمعنى الذي غير سهل{[8320]} وشبهه المهدوي بقوله تعالى : { وما تلك بيمينك يا موسى }{[8321]} [ طه : 17 ] وقد يظهر في الآية أن يكون قوله { يدعو } متصلاً بما قبله ، ويكون فيه معنى التوبيخ كأنه قال { يدعو } من لا يضر ولا ينفع .


[8316]:هذا صدر بيت من المعلقة، والبيت بتمامه: يدعون عنتر والرماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم والأشطان: جمع شطن وهو حبل البئر، واللبان ـ بفتح اللام ـ: الصدر، والأدهم: الفرس، يقول: إن الرماح في صدر هذا الفرس بمنزلة حبال البئر من الدلاء، لأن البئر إذا كانت كثيرة الجرفة اضطربت الدلو فيها فيجعل لها حبلان حتى لا تضطرب.
[8317]:وعلى هذا الرأي يكون قوله تعالى: {لبئس المولى} مستأنفا لأنه لا يصح دخوله في الحكاية لأن الكفار لا يقولون عن أصنامهم: {لبئس المولى}.
[8318]:وهذا لا يتم إلا بتقدير زيادة اللام، أي: "يدعو من ضره".
[8319]:وقدر "يدعوه" مدعوا، ولهذا قيل: هذا الرأي ضعيف؛ لأن "يدعوه" لا يقدر "مدعوا"، إنما يقدر "داعيا".
[8320]:وقال أبو حيان في البحر تعليقا على رأي أبي علي هذا: "وهو لا يصح إلا على قول الكوفيين؛ إذ يجيزون في اسم الإشارة أن يكون موصولا، والبصريون لا يجيزون ذلك إلا في "ذا" بشرط أن يتقدمها الاستفهام بـ (ما) أو (من).
[8321]:الآية (17) من سورة (طه) ـ ووجه الشبه أن [تلك] في هذه الآية اسم إشارة بمعنى "الذي"، كأنه قال: ما الذي بيمينك؟ فرأي المهدوي يعود إلى ما ذكره أبو علي من أن [ذلك] في آيتنا بمعنى "الذي" وهي في محل نصب بوقوع [يدعو] عليه، ويكون قوله: {لمن ضره} كلام مستأنف.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُۥ وَمَا لَا يَنفَعُهُۥۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ} (12)

جملة { يدعو من دون الله } الخ حال من ضمير { انقلب } [ الحج : 11 ] .

وقدم الضر على النفع في قوله { ما لا يضره } إيماء إلى أنه تملص من الإسلام تجنباً للضر لتوهمه أن ما لحقه من الضر بسبب الإسلام وبسبب غضب الأصنام عليه ، فعاد إلى عبادة الأصنام حاسباً أنها لا تضره . وفي هذا الإيماء تهكم به يظهر بتعقيبه بقوله تعالى : { وما لا ينفعه } أي فهو مخطىء في دعائه الأصنام لتزيل عنه الضر فينتفع بفعلها . والمعنى : أنها لا تفعل ما يجلب ضرّاً ولا ما يجلب نفعاً .

والإشارة في قوله { ذلك هو الضلال } إلى الدعاء المستفاد من { يدعو } .

والقول في اسم الإشارة وضمير الفصل والقصر مثل ما تقدّم في قوله { ذلك هو الخسران المبين } [ الحج : 11 ] .

والبعيد : المتجاوز الحد المعروف في مدى الضلال ، أي هو الضلال الذي لا يماثله ضلال لأنه يعبد ما لا غناء له .