فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُۥ وَمَا لَا يَنفَعُهُۥۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ} (12)

{ يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ ( 12 ) يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ( 13 ) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ( 14 ) مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ( 15 ) } .

{ يدعوا } أي يعبد هذا الذي انقلب على وجهه ورجع إلى الكفر { مِن دُونِ اللَّهِ } أي متجاوزا عبادة الله إلى عبادة الأصنام { مَا لَا يَضُرُّهُ } إن ترك عبادته وعصاه { وَمَا لَا يَنفَعُهُ } إن عبده وأطاعه ، لكون ذلك المعبود جمادا لا يقدر على ضر ولا نفع ، والجمع بين نفي النفع والضر هنا ، وإثباتهما في قوله : { لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ } ، الآية ، كما سيأتي بأن معبوداتهم لا تضر ولا تنفع بأنفسها ولكن بسبب عبادتها ، فنسب الضرر إليها كما في قوله تعالى : { رب إنهن أضللن كثيرا من الناس } ، حيث أضاف الإضلال إليها من حيث إنها كانت سبب الضلال .

وقال الشهاب : دفع التنافي بأن النفي باعتبار ما في نفس الأمر والإثبات باعتبار زعمهم الباطل . انتهى .

{ ذلك } أي الدعاء المفهوم من يدعو { هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ } عن الحق والرشد مستعار من ضلال من سلك غير الطريق فصار بضلاله بعيدا عنها . قال الفراء : البعيد الطويل .