{ فَلَمَّا جَآءَهُم بِآيَاتِنَآ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ } أى : فحين جاء موسى - عليه السلام - إلى فرعون وملئه بآياتنا الدالة على قدرتنا سارعوا إلى الضحك والسخرية بها ، بون تأمل أو تدبر ، شأن المغرورين الجهلاء .
فقوله - تعالى - : { إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ } جواب { لَمَّا } والتعبير يشير إلى مسارعتهم إلى السخرية والاستخفاف بالآيات التى جاء بها موسى - عليه السلام - ، مع أن هذه الآيات كانت تقتضى منهم التدبر والتفكر لو كانوا يعقلون .
و { إذا } حرف مفاجأة ، أي يدل على أن ما بعده حصل عن غير ترقب فتفتتح به الجملة التي يُفاد منها حصول حادث على وجه المفاجأة . ووقعت الجملة التي فيها { إذا } جواباً لحرف ( لَمَّا ) ، وهي جملة اسمية و ( لمّا ) تقتضي أن يكون جوابها جملة فعلية ، لأن ما في { إذا } من معنى المفاجأة يقوم مقام الجملة الفعلية .
والضحك : كناية عن الاستخفاف بالآيات والتكذيب فلا يتعيّن أن يكون كل الحاضرين صدر منهم ضحك ، ولا أن ذلك وقع عندَ رؤية آية إذ لعل بعضها لا يقتضي الضحك .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
{فَلَمّا جاءَهُمْ بآياتِنا إذَا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ} يقول: فلما جاء موسى فرعونَ وملأه بحججنا وأدلتنا على صدق قوله فيما يدعوهم إليه من توحيد الله والبراءة من عبادة الآلهة، إذا فرعون وقومه مما جاءهم به موسى من الآيات والعِبَر يضحكون كما أن قومك مما جئتهم به من الآيات والعِبر يسخرون، وهذا تسلية من الله عزّ وجلّ نبيه صلى الله عليه وسلم عما كان يلقى من مشركي قومه، وإعلام منه له أن قومه من أهل الشرك لن يَعْدُو أن يكونوا كسائر الأمم الذين كانوا على منهاجهم في الكفر بالله وتكذيب رسله، وندب منه نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الاستنان في الصبر عليهم بسنن أولي العزم من الرسل، وإخبار منه له أن عقبى مردتهم إلى البوار والهلاك كسنته في المتمرّدين عليه قبلهم، وإظفاره بهم، وإعلائه أمره، كالذي فعل بموسى عليه السلام، وقومه الذين آمنوا به من إظهارهم على فرعون وملئه.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
هكذا عادة الفراعنة والرؤساء من الكفرة أنهم إذا أتاهم الرسل بالآيات ضحِكوا منهم، واستهزأوا بهم...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
أرسلناه بدلائلنا، أرسلناه بحجةٍ ظاهرةٍ قاهرةٍ، أرسلناه بالمعجزات إلى فرعون وقومه من القبط، فقوبل بالهزء والضحك والتكذيب. ومع أنَّ اللَّهَ سبحانه لم يُجْرِ عليه من البيِّنات شيئاً إلا كان أوضحَ مما قبله إلا أنهم لم يقابلوه إلا بجفاءٍ أَوْحَشَ مما قبله.
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
المراد من الآية تعجيب الرسول من ضحكهم وتكذيبهم مع ورود الآيات الظاهرة مع موسى صلوات الله عليه...
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
معنى:"يضحكون" استهزاء وسخرية، يوهمون أتباعهم أن تلك الآيات سحر وتخيل وأنهم قادرون عليها...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{إذا هم} أي بأجمعهم استهزاء برسولنا، وطال ما يضحك عليهم هو ومن آمن برسالته وبما جاء به عنا يوم الحسرة والندامة.
{منها يضحكون} أي فاجأوا المجيء بها من غير توقف ولا كسل بالضحك سخرية واستهزاء.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
الضحك: كناية عن الاستخفاف بالآيات والتكذيب فلا يتعيّن أن يكون كل الحاضرين صدر منهم ضحك، ولا أن ذلك وقع عندَ رؤية آية إذ لعل بعضها لا يقتضي الضحك...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
هذا الموقف هو الموقف الأوّل لكل الطواغيت والجهال المستكبرين، أما القادة الحقيقيين؛ إذ لا يأخذون دعوتهم وأدلتهم بجدية ليبحثوا فيها ويصلوا إلى الحقيقة ثمّ يجيبونهم بسخرية واستهزاء؛ ليُفهموا الآخرين أن دعوة هؤلاء لا تستحق البحث والتحقيق والإِجابة أصلاً، وليست أهلاً للتلقي الجاد.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.