اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَلَمَّا جَآءَهُم بِـَٔايَٰتِنَآ إِذَا هُم مِّنۡهَا يَضۡحَكُونَ} (47)

قوله تعالى : { فَلَمَّا جَآءَهُم بِآيَاتِنَآ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ } قال الزمخشري : فَإِن قلت : كيف جاز أن يجاب لَمَّا بإذا المفاجأة ؟ ! .

قلت : لأن فعل المفاجأة معها مقدر ، وهو عامل النصب في محلها ، كأنه قيل : فلما جاءهم بآياتنا فأجَأُوا وَقْتَ ضَحِكِهِمْ . قال أبو حيان : ولا نعلم نحوياً{[49910]} ذهب إلى ما ذهب إليه من أن «إذا » الفجائية تكون منصوبة بفعل مقدر ، تقديره : فاجأ ، بل المذاهب ثلاثة :

إما حرف{[49911]} فلا يحتاج إلى عامل ، أو ظرف مكان{[49912]} ، أو ظرف زمان . فإن ذكر بعد الاسم الواقع بعدها خبر ، كانت منصوبة على الظرف والعامل فيها ذلك الخبر . نحو : خَرَجْتُ فَإذَا زَيْدٌ قَائِمٌ تقديره : خَرَجْتُ ففي المكان الذي خرجت فيه زيدٌ قائمٌ ، أو ففي الوقت الذي خَرَجْتُ فيه زيدٌ قائمٌ .

وإن لم يذكر بعد الاسم خبر ، أو ذكر اسم منصوب على الحال ، فإن كان الاسم جُثَّة ، وقلنا : إنها ظرف مكان ، كان الأمر واضحاً ، نحو : خَرَجْتُ فَإِذَا الأَسَدُ ، أي فَبالحَضرَةِ الأَسَدُ ، أو فَإِذَا الأَسَدُ رابضاً . وإن قلنا : إنها زمان كان على حذف مضاف ، لئلا يخبر بالزمان عن الجثة ، نحو : خَرَجْتُ فَإذَا الأَسَدُ ، أي ففي الزمان حُضُور الأَسَدِ ، وإنْ كَان الاسم حَدَثاً جاز أن يكون مكاناً أو زماناً . ولا حاجة إلى تقدير مضاف نحو : خَرجْتُ فَإذَا القِتَالُ . إن شئت قدرت : فبالحَضْرَة القتالُ ، أو ففي الزمانِ القتالُ{[49913]} {[49914]} .

/خ48


[49910]:وافق ابن الحاجب الزمخشري في مذهبه هذا ورد الإمام الرضي عليه فقال: "ويجوز أن يكون ظرف الزمان مضافا إلى الجملة الاسمية، وعامله محذوف على ما قال المصنف أي ففاجأت وقت وجود السمع بالباب إلا أنه إخراج لإذا عن الظرفية، إذ هو إذن مفعول به لفاجأت، ولا حاجة إلى هذه الكلفة، فإن إذا الظرفية غير متصرفة على الصحيح". شرح الكافية للرضي 1/103، 104.
[49911]:وقال بحرفيتها الأخفش وابن مالك انظر الهمع 1/207 والمغني 87.
[49912]:ويعزى هذا للمبرد والفارسي وابن جني، وأبي بكر بن الخياط، وابن عصفور. انظر المرجعين السابقين.
[49913]:وهو رأي الزمخشري كما هنا واختاره الرياشي والزجاج وابن طاهر، وابن خروف، انظر المرجعين السابقين.
[49914]:بتصرف من البحر المحيط 8/20 و21 والدر المصون 4/789.