وقوله : مالَكُمْ لا تَناصَرُونَ يقول : مالكم أيها المشركون بالله لا ينصر بعضكم بعضا بَلْ هُمُ اليوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ يقول : بل هم اليوم مستسلمون لأمر الله فيهم وقضائه ، موقنون بعذابه ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ لا والله لا يتناصرون ، ولا يدفع بعضهم عن بعض بَلْ هُمُ اليَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ في عذاب الله .
أي أنكم مسؤولون عن امتناعهم عن التناصر ، وهذا على جهة التوبيخ في هذا الفصل خاصة أعني الامتناع من التناصر ، وقرأ «تناصرون » بتاء واحدة خفيفة ، شيبة ونافع ، وقرأ خلق «لا تتناصرون » ، وكذلك في حرف عبد الله ، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع «لا تناصرون » بإدغام التاء من قراءة عبد الله بن مسعود وقال الثعلبي قوله : { ما لكم لا تناصرون } جواب أبي جهل حين قال في بدر { نحن جميع منتصر }{[9839]} .
الاستفهام في { ما لكم لا تناصرونَ } مستعمل في التعجيز مع التنبيه على الخطأ الذي كانوا فيه في الحياة الدنيا . [
وجملة { ما لكم لا تناصرون } مبيّنة لإبهام { مَسْؤُولُونَ } وهو استفهام مستعمل في التعجيب للتذكير بما يسوءهم ، فظهر أن السؤال ليس على حقيقته وإنما أريد به لازمه وهو التعجيب ، والمعنى : أيّ شيء اختص بكم ، ف { ما الاستفهامية مبتدأ ولكم } خبر عنه .
وجملة { لا تَنَاصَرُونَ } حال من ضمير { لكم } وهي مناط الاستفهام ، أي أن هذه الحالة تستوجب التعجب من عدم تناصركم . وقرأ الجمهور { لاَ تَنَاصَرُونَ } بتخفيف المثناة الفوقية على أنه من حذف إحدى التاءين . وقرأه البَزِّي عن ابن كثير وأبو جعفر بتشديد المثناة على إدغام إحدى التاءين في الأخرى .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يقول الخازن: {ما لكم لا تناصرون}... يقول للكفار: ما لشركائكم الشياطين لا يمنعونكم من العذاب...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"مالَكُمْ لا تَناصَرُونَ" يقول: مالكم أيها المشركون بالله لا ينصر بعضكم بعضا.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
مالكم لا تنصركم الأصنام التي عبدتموها في الدنيا رجاء النصر والشفاعة.
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
{ما لكم لا تناصرون} على طريق التوبيخ والتقريع لهم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما أوقفوا هذا الموقف الذليل، قد شغلهم ما دهمهم من الأسف عن القال والقيل، نودوا من مقام السطوة، وحجاب الجبروت والعزة، زيادة في تأسيفهم و توبيخهم وتعنيفهم، لفتاً عن سياق الغيبة إلى الخطاب، دلالة على أعظم خيبة: {ما لكم} أي أيّ شيء حصل لكم فشغلكم وألهاكم حال كونكم {لا تناصرون} أي ينصر بعضكم بعضاً.
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
إن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم؛ إنما يكون بعد إقامة الحجج عليهم، وقطع أعذارهم بعد حسابهم.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
جملة {ما لكم لا تناصرون} مبيّنة لإبهام {مَسْؤُولُونَ} وهو استفهام مستعمل في التعجيب للتذكير بما يسوءهم، فظهر أن السؤال ليس على حقيقته؛ وإنما أريد به لازمه وهو التعجيب، والمعنى: أيّ شيء اختص بكم، ف {ما الاستفهامية مبتدأ ولكم} خبر عنه.
وهذا الاستفهام أيضاً على سبيل السخرية والتهكُّم، يعني: ما لكم الآن لا ينصر بعضكم بعضاً وكنتم تَنَاصرون في الدنيا، الأتباع ينصرون السادة، والسادة يُجنِّدون الأتباع...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.