ثم يأمر اللَّهُ تعالى بوقوفهم على جِهَةِ التَّوْبِيخِ لهم والسؤال ، قال جمهور المفسرين : يُسْأَلُونَ عن أعمالهم ويُوقَفُونَ على قُبْحِها ، وقد تقدَّم قولهُ صلى الله عليه وسلم : " لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْد " الحديثَ .
قال ( ع ) : ويَحْتَمِلُ عندي أنْ يكونَ المعنى على نحوِ ما فسَّره تعالى بقولهِ : { مَالَكُمْ لاَ تناصرون } أي : إنهم مسؤولونَ عن امْتِنَاعِهم عن التَّنَاصُرِ ؛ وهذا على جهة التَّوْبِيخِ ، وقرأ خالد ( لا تَتَنَاصَرُونَ ) .
( ت ) : قال عِيَاضٌ في «المدارك » : كان أبو إسْحَاقَ الجبنياني ظَاهِرَ الحُزْنِ ، كثيرَ الدَّمْعَةِ يَسْرُدُ الصِّيَامَ ، قال ولده أبو الطاهِر : قال لي أبي : " إن إنساناً بقي في آية سنةً لَمْ يَتَجَاوَزْهَا ، وهِي قوله تعالى : { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } فقلتُ له : أَنْتَ هُوَ فَسَكَتَ ، فعلمتُ أَنَّه هو " ، وكانَ إذا دَخَلَ في الصَّلاَةِ : لَوْ سَقَطَ البيتُ الذي هو فيه ، ما التَفَتَ ، إقبالاً على صَلاَتِهِ ، واشتغالا بمناجَاة ربِّهِ ، وكانَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ تَضْيِيقاً على نَفْسِهِ ؛ ثم عَلى أَهْلِه ، وكان يأكلُ البَقْلَ البَرِّيَّ والجَرَادَ إذا وَجَدَهُ ويَطْحَنُ قُوتَهُ بِيَدِهِ شَعِيراً ، ثُم يَجْعَلُهُ بِنُخَالَتِهِ دَقِيقاً في قِدْرٍ مع مَا وَجَدَ مِنْ بَقْلٍ بَرِّيٍّ وَغيرِه ، حتى إِنّه رُبَّما رَمَى بِشَيْءٍ مِنْهُ لِكَلْبٍ أَو هِرٍّ ؛ فَلا يَأْكُلُهُ ، وكانَ لِبَاسُهُ يَجْمَعُهُ مِنْ خِرَقِ المَزَابِلِ وَيُرَفِّعُهُ ، وَكَانَ يَتَوَطَّأُ الرَّمْلَ ، وَفي الشِّتَاءِ يَأْخُذُ قِفَافَ المَعَاصِرِ المُلْقَاةِ على المَزَابِلِ يجعلُها تَحْتَهُ ، قال وَلَدُهُ أبو الطَّاهِرِ : وكنَّا إذا بَقِينَا بلا شَيْءٍ نَقْتَاتُهُ ، كُنْتُ أَسْمَعُهُ في اللَّيْل يَقُولُ :
مَالِي تِلاَدٌ ولاَ استطرفت مِنْ نَشَب *** وَمَا أُؤمِّلُ غَيْرَ اللَّهِ مِنْ أَحَدٍ
إنَّ الْقُنُوعَ بِحَمْدِ اللَّهِ يَمْنَعُنِي *** مِنَ التَّعَرُّضِ للمَنَّانَةِ النَّكِدِ
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.