ثم لقن الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم الجواب الذى يرد به على المشركين ، الذين كانوا يكثرون من سؤاله عن يوم القيامة ، على سبيل الإِنكار والاستهزاء ، فقال - تعالى - : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الساعة أَيَّانَ مُرْسَاهَا } .
وإيان : اسم يستفهم به عن تعيين الوقت وتحديده ، فهو ظرف زمان متضمن معنى " متى " ومرساها : مصدر ميمى من أرسى الشئ إذا ثبته وأقره ، ولا يكاد يستعمل هذا اللفظ إلا فى الشئ الثقيل ، كما فى قوله - تعالى - : { والجبال أَرْسَاهَا . . . } .
ونسبة الإِرساء إلى الساعة ، باعتبار تشبيه المعانى بالأجسام و " أيان " خبر مقدم ، و " مرساها " وإرساؤها ووقوعها ؟
وأطلق على يوم القيامة ساعة لوقوع بغتة ، أو لسرعة ما فيه من الحساب ، أو لأنه على طوله ، زمان يسير عند الله - تعالى - .
ثم قال تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا } أي : ليس علمها إليك ولا إلى أحد من الخلق ، بل مَردها ومَرجعها إلى الله عز وجل ، فهو الذي يعلم وقتها على التعيين ، { ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ } [ الأعراف : 187 ] ، وقال هاهنا : { إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا } ولهذا{[29689]} لما سأل جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة قال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " . {[29690]} .
القول في تأويل قوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَىَ رَبّكَ مُنتَهَاهَآ * إِنّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا * كَأَنّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوَاْ إِلاّ عَشِيّةً أَوْ ضُحَاهَا } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : يسألك يا محمد هؤلاء المكذّبون بالبعث عن الساعة التي تبعث فيها الموتَى من قبورهم أيانَ مرساها ، متى قيامها وظهورها ؟ وكان الفرّاء يقول : إن قال قائل : إنما الإرساء للسفينة ، والجبال الراسية وما أشبههنّ ، فكيف وصَفَ الساعة بالإرساء ؟ قلت : هي بمنزلة السفينة إذا كانت جارية فرست ، ورسوّها : قيامها قال : وليس قيامها كقيام القائم ، إنما هي كقولك : قد قام العدل ، وقام الحقّ : أي ظهر وثبت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.