ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك ما دار بين موسى وفرعون من محاورات فقال - تعالى - : { قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ . . . } .
أى : قال فرعون لموسى بعد أن عرفه ، وبعد أن طلب منه موسى أن يرسل معه بنو إسرائيل . قال له يا موسى { أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً } أى : ألم يسبق لك أنك عشت فى منزلنا ، ورعيناك وأنت طفل صغير عندما قالت امرأتى { لاَ تَقْتُلُوهُ عسى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً . . } { وَلَبِثْتَ فِينَا } أى : فى كنفنا وتحت سقف بينا { مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ } عددا ،
وإلى هنا نحن أمام مشهد البعثة والوحي والتكليف . ولكن الستار يسدل . لنجدنا أمام مشهد المواجهة . وقد اختصر ما هو مفهوم بين المشهدين على طريقة العرض القرآنية الفنية :
( قال ألم نربك فينا وليدا ، ولبثت فينا من عمرك سنين ? وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين ?
قال : فعلتها إذن وأنا من الضالين . ففررت منكم لما خفتكم ، فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين . وتلك نعمه تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ) .
ويعجب فرعون وهو يرى موسى يواجهه بهذه الدعوى الضخمة : ( إنا رسول رب العالمين ) . ويطلب إليه ذلك الطلب الضخم ! ( أن أرسل معنا بني إسرائيل ) . فإن آخر عهده بموسى أنه كان ربيبا في قصره منذ أن التقطوا تابوته . وأنه هرب بعد قتله للقبطي الذي وجده يتعارك مع الإسرائيلي . وقيل : إن هذا القبطي كان من حاشية فرعون . فما أبعد المسافة بين آخر عهد فرعون بموسى إذن وهذه الدعوى الضخمة التي يواجهه بها بعد عشر سنين ! ومن ثم بدأ فرعون متهكما مستهزئا مستعجبا :
( قال : ألم نربك فينا وليدا ، ولبثت فينا من عمرك سنين ? وفعلت فعلتك التي فعلت ، وأنت من الكافرين ) . . فهل هذا جزاء التربية والكرامة التي لقيتها عندنا وأنت وليد ? أن تأتي اليوم لتخالف ما نحن عليه من ديانة ? ولتخرج على الملك الذي نشأت في بيته ، وتدعو إلى إله غيره ? !
وما بالك - وقد لبثت فينا من عمرك سنين - لم تتحدث بشيء عن هذه الدعوى التي تدعيها اليوم ؛ ولم تخطرنا بمقدمات هذا الأمر العظيم ? !
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.