وكعادة القرآن الكريم فى قرن الترغيب بالترهيب أو العكس ، جاء الحديث عن حسن عاقبة المتقين بعد الحديث عن سوء مصير المكذبين فقال - سبحانه - : { إِنَّ المتقين فِي . . . } .
المعنى : { إِنَّ المتقين } وهم الذين صانوا أنفسهم عن كل مالا يرضى الله - تعالى - .
{ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } أى : مستقرين فى جنات وبساتين فيها عيون عظيمة ، لا يبلغ وصفها الواصفون .
وعلى الضفة الأخرى وفي الصفحة المقابلة يرتسم مشهد آخر ، لفريق آخر ، فريق مستيقن لا يخرص ؛ تقي لا يتبجح ؛ مستيقظ يعبد ويستغفر ، ولا يقضي العمر في غمرة وذهول :
( إن المتقين في جنات وعيون . آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين . كانوا قليلا من الليل ما يهجعون . وبالأسحار هم يستغفرون . وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) . .
فهذا الفريق . فريق المتقين . الأيقاظ . الشديدي الحساسية برقابة الله لهم ، ورقابتهم هم لأنفسهم . هؤلاء ( في جنات وعيون ) . .
ولما ذكر تعالى حالة الكفرة وما يلقون من عذاب الله ، عقب ذلك بذكر المتقين وما يلقون من النعيم ليبين الفرق ويتبع الناس طريق الهدى ، " والجنات " و " العيون " معروف{[10590]} . والمتقي في الآية مطلق في اتقاء الكفر والمعاصي .
اعتراض قَابل به حال المؤمنين في يوم الدين جرى على عادة القرآن في اتباع النِّذارة بالبشارة ، والترهيب بالترغيب .
وقوله : { إن المتقين في جنات وعيون } نظير قوله في سورة الدخان ( 51 ، 52 ) { إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون } وجمع { جنات } باعتبار جمع المتقين وهي جنات كثيرة مختلفة وفي الحديث : « إنها لِجِنان كثيرة ، وإنه لفي الفردوس » وتنكير { جنات } للتعظيم .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{إن المتقين في جنات وعيون} يعني بساتين وأنهار جارية...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"إنّ المُتّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ "يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا الله بطاعته، واجتناب معاصيه في الدنيا في بساتين وعيون ماءٍ في الآخرة.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
أي في بساتين تجنها الأشجار" وعيون "ماء تجري لهم في جنة الخلد...
المسألة الأولى: قد ذكرنا أن المتقي له مقامات أدناها أن يتقي الشرك، وأعلاها أن يتقي ما سوى الله، وأدنى درجات المتقي الجنة، فما من مكلف اجتنب الكفر إلا ويدخل الجنة فيرزق نعيمها.
المسألة الثانية: الجنة تارة وحدها كما قال تعالى: {مثل الجنة التي وعد المتقون} وأخرى جمعها كما في هذا المقام قال: {إن المتقين في جنات} وتارة ثنّاها فقال تعالى: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} فما الحكمة فيه؟
نقول: أما الجنة عند التوحيد فلأنها لاتصال المنازل والأشجار والأنهار كجنة واحدة، وأما حكمة الجمع فلأنها بالنسبة إلى الدنيا وبالإضافة إلى جنانها جنات لا يحصرها عدد، وأما التثنية فسنذكرها في سورة الرحمن، غير أنا نقول هاهنا: الله تعالى عند الوعد وحد الجنة، وكذلك عند الشراء حيث قال: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} وعند الإعطاء جمعها إشارة إلى أن الزيادة في الوعد موجودة والخلاف ما لو وعد بجنات، ثم كان يقول إنه في جنة لأنه دون الموعود.
(الثالثة) قوله تعالى: {وعيون} يقتضي أن يكون المتقي فيها ولا لذة في كون الإنسان في ماء أو غير ذلك من المائعات، نقول معناه في خلال العيون، وذلك بين الأنهار بدليل أن قوله تعالى: {في جنات} ليس معناه إلا بين جنات وفي خلالها لأن الجنة هي الأشجار، وإنما يكون بينها كذلك القول في العيون والتنكير، مع أنها معرفة للتعظيم يقال فلان رجل أي عظيم في الرجولية.
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ} أي: الذين كانت التقوى شعارهم، وطاعة الله دثارهم، {فِي جَنَّاتِ} مشتملات على جميع [أصناف] الأشجار، والفواكه، التي يوجد لها نظير في الدنيا، والتي لا يوجد لها نظير، مما لم تنظر العيون إلى مثله، ولم تسمع الآذان، ولم يخطر على قلوب العباد {وَعُيُونٍ} سارحة، تشرب منها تلك البساتين، ويشرب بها عباد الله، يفجرونها تفجيرًا...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وعلى الضفة الأخرى وفي الصفحة المقابلة يرتسم مشهد آخر، لفريق آخر، فريق مستيقن لا يخرص؛ تقي لا يتبجح؛ مستيقظ يعبد ويستغفر، ولا يقضي العمر في غمرة وذهول:
(إن المتقين في جنات وعيون. آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين. كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. وبالأسحار هم يستغفرون. وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)..
فهذا الفريق. فريق المتقين. الأيقاظ. الشديدي الحساسية برقابة الله لهم، ورقابتهم هم لأنفسهم. هؤلاء (في جنات وعيون)..
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.