وقوله : { وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ . لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الأوَّلِينَ . لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ } أي : قد كانوا يتمنون قبل أن تأتيهم يا محمد لو كان عندهم من يذكرهم بأمر الله ، وما كان من أمر القرون الأولى ، ويأتيهم بكتاب الله ، كما قال تعالى : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا } [ فاطر : 42 ] ، وقال : { أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ . أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ } [ الأنعام : 156 ، 157 ] . ولهذا قال هاهنا : { فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } ،
انتقال من ذكر كفر المشركين بتعدد الإله وبإنكار البعث وما وصفوا به الرسول صلى الله عليه وسلم من السحر والجنون ثم بما نسبوا لله مما لا يليق بإلهيته وما تخلل ذلك من المواعظ والوعيد لهم والوعد للمؤمنين والعبرة بمصارع المكذبين السابقين وما لقيه رسل الله من أقوامهم .
فانتقال الكلام إلى ذكر ما كفر به المشركون من تكذيب القرآن الذي أنزله الله هدى لهم ، فالمقصود من هذا هو قولُه : { فكَفَروا به } أي الذكرِ ، وإنما قدم له في نظم الكلام ما فيه تسجيل عليهم تهافتهم في القول إذ كانوا قبل أن يأتيهم محمد صلى الله عليه وسلم بالكتاب المبين يودّون أن يشرفهم الله بكتاب لهم كما شرف الأولين ويرجُون لو كان ذلك أن يكونوا عباداً لله مخلصين له فلما جاءهم ما رغبوا فيه كفروا به وذلك أفظع الكفر لأنه كفر بما كانوا على بصيرة من أمره إذ كانوا يتمنّونه لأنفسهم ويغبطون الأمم التي أنزل عليهم مثلُه فلم يكن كفرهم عن مباغتة ولا عن قلة تمكن من النظر .
وتأكيد الخبر ب { إِنْ } المخففة من الثقيلة وبلام الابتداء الفارقة بين المخففة والنافية للتسجيل عليهم بتحقيق وقوع ذلك منهم ليُسدّ عليهم باب الإِنكار . وإقحام فعل { كانُوا } للدلالة على أن خبر ( كان ) ثابت لهم في الماضي . والتعبيرُ بالمضارع في « يقولون » لإِفادة أن ذلك تكرر منهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.