البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ} (167)

{ وإنا لنحن المسبحون } : أي المنزهون الله عن ما نسب إليه الكفرة ، أو المنزهون بلفظ التسبيح ، أو المصلون .

وينبغي أن يجعل قوله : { سبحان الله عما يصفون } من كلام الملائكة ، فتطرد الجمل وتنساق لقائل واحد ، فكأنه قيل : ولقد علمت الملائكة أن ناسبي ذلك لمحضرون للعذاب ؛ وقالوا : سبحان الله ، فنزهوا عن ذلك واستثنوا من أخلص من عباد الله ؛ وقالوا للكفرة : فإنكم وآلهتكم إلى آخره .

وكيف نكون مناسبيه ، ونحن عبيد بين يديه ، لكل منا مقام من الطاعة ؟ إلى ما وصفوا به أنفسهم من رتبة العبودية .

وقيل : { وما منا إلا له مقام معلوم } ، هو من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي وما من المرسلين أحد إلا له مقام معلوم يوم القيامة على قدر عمله ، من قوله تعالى : { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً .

ثم ذكر أعمالهم ، وأنهم المصطفون في الصلاة المنزهون الله عن ما يقول أهل الضلال .

والضمير في { ليقولون } لكفار قريش ، { لو أن عندنا ذكراً } : أي كتاباً من كتب الأولين الذين نزل عليهم التوراة والإنجيل ، لأخلصنا العبادة لله ، ولم نكذب كما كذبوا .

{ فكفروا به } : أي فجاءهم الذكر الذي كانوا يتمنونه ، وهو أشرف الأذكار ، لأعجازه من بين الكتب .