المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ} (15)

14 - خلق جنس الإنسان من طين يابس غير مطبوخ كالخزف ، وخلق جنس الجان من لهيب خالص من نار ! .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ} (15)

وخلقه{[27856]} الجان من مارج من نار ، وهو : طرف لهبها . قاله الضحاك ، عن ابن عباس . وبه يقول عكرمة ، ومجاهد ، والحسن ، وابن زيد .

وقال العَوْفي ، عن ابن عباس : { مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ } من لهب النار ، من أحسنها .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ } من خالص النار . وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، والضحاك وغيرهم .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم " .

ورواه مسلم ، عن محمد بن رافع ، وعبد بن حميد ، كلاهما عن عبد الرزاق ، به{[27857]} .


[27856]:- (1) في أ: "خلق".
[27857]:- (2) المسند (6/168) وصحيح مسلم برقم (2996).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ} (15)

وقوله : وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ يقول تعالى ذكره : وخلق الجانّ من مارج من نار ، وهو ما اختلط بعضه ببعض ، من بين أحمر وأصفر وأخضر ، من قولهم : مَرِج أمر القوم : إذا اختلط ، ومن قول النبيّ صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو : «كَيْفَ بِكَ إذَا كُنْتَ فِي حُثالَةٍ مِنَ النّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وأماناتُهُمْ » وَذلكَ هُوَ لَهَبُ النّارِ وَلِسانُهُ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا عبد الله بن يوسف الجبيريّ أبو حفص ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، قال : حدثنا مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله : مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : من أوسطها وأحسنها .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ يقول : خلقه من لهب النار من أحسن النار .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ يقول : خالص النار .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك عن ابن عباس ، قال : خلقت الجنّ الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار ، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا ألهبت .

حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرِمة ، في قوله : مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : من أحسن النار .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : اللهب الأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت .

وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله ، إلاّ أنه قال : والأحمر .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : هو اللّهب المنقطع الأحمر .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الضحاك ، في قوله : وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارجٍ مِنْ نارٍ قال : أحسن النار .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : من لهب النار .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ : أي من لهب النار .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قوله : مِنْ مارِجٍ مِنْ نار قال : من لهب النار .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : المارج : اللهب .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا أبو العوّام ، عن قتادة وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : من لهب من نار .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ} (15)

و { الجانُّ } : الجن والمراد به إبليس وما خرج عنه من الشياطين ، وقد حكى الله عنه قوله : { خلقتني من نار وخلقته من طين } [ ص : 76 ] .

والمارج : هو المختلط وهو اسم فاعل بمعنى اسم المفعول مثل دافق ، وعيشة راضية ، أي خلق الجان من خليط من النار ، أي مختلط بعناصر أخرى إلا أن الناس أغلَب عليه كما كان التراب أغلب على تكوين الإنسان مع ما فيه من عنصر النار وهو الحرارة الغريزية والمقصود هنا هو خلق الإنسان بقرينة تذييله بقوله : { فبأي ألاء ربكما تكذبان } [ الرحمن : 16 ] وإنما قُرن بخلق الجان إظهاراً لكمال النعمة في خلق الإنسان من مادة لَينة قابلاً للتهذيب والكمال وصدور الرفق بالموجودات التي معه على وجه الأرض .

وهو أيضاً تذكير وموعظة بمظهر من مظاهر قدرة الله وحكمته في خلق نوع الإِنسان وجنس الجان .

وفيه إيماء إلى ما سبق في القرآن النازِل قبل هذه السورة من تفضيل الإنسان على الجان إذ أمر الله الجانّ بالسجود للإِنسان ، وما ينطوي في ذلك من وفرة مصالح الإِنسان على مصالح الجان ، ومِن تأهله لعمران العالم لكونه مخلوقاً من طينته إذ الفضيلة تحصل من مجموع أوصاف لا من خصوصيات مفردة .