والذي يملك أمر الغيب وما يقدر فيه وما يدبر ، هو الذي يملك أن يدبر فيه وأن يكيد . فمالهم وهم عن الغيب محجوبون ، وفي سجله لا يكتبون يكيدون لك ويدبرون ، ويحسبون أنهم قادرون على شيء من أمر المستقبل : فيقولون : شاعر نتربص به ريب المنون ? !
( أم يريدون كيدا ? فالذين كفروا هم المكيدون ) !
وهم الذين يحيق بهم ما يقدره صاحب الغيب لهم ، وهم الذين يقع عليهم كيده ومكره . والله خير الماكرين .
{ أم يريدون كيدا } وهو كيدهم في دار الندوة برسول الله صلى الله عليه وسلم . { فالذين كفروا } يحتمل العموم والخصوص فيكون وضعه موضع الضمير للتسجيل على كفرهم ، والدلالة على أنه الموجب للحكم المذكور .
{ هم المكيدون } هم الذين يحيق بهم الكيد أو يعود عليهم وبال كيدهم ، وهو قتلهم يوم بدر أو المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته .
{ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً } بك وبشرعك وهو ما كان منهم في حقه صلى الله عليه وسلم بدار الندوة مما هو معلوم من السير ، وهذا من الإخبار بالغيب فإن قصة دار الندوة وقعت في وقت الهجرة وكان نزول السورة قبلها كما تدل عليه الآثار { فالذين كَفَرُواْ } هم المذكورون المريدون كيده عليه الصلاة والسلام ، ووضع الموصول موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بما في حيز الصلة من الكفر وتعليل الحكم به ، وجوز أن يراد جميع الكفرة وهم داخلون فيه دخولاً أولياً { هُمُ المكيدون } أي الذين يحيق بهم كيدهم ويعود عليهم وباله لا من أرادوا أن يكيدوه وكان وباله في حق أولئك قتلهم يوم بدر في السنة الخامسة عشر من النبوة قيل : ولذا وقعت كلمة { أَمْ } مكررة هنا خمس عشرة مرة للإشارة لما ذكر ، ومثله على ما قال الشهاب : لا يستبعد من المعجزات القرآنية وإن كان الانتقال لمثله خفي ومناسبته أخفى ، وجوز أن يكون المعنى هم المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته { أَمْ لَهُمْ إله غَيْرُ الله } يعينهم ويحرسهم من عذابه عز وجل .
{ أم يريدون كيداً } : أي مكراً وخديعة بك وبالدين .
{ فالذين كفروا هم المكيدون } : أي فالكافرون هم المكيدون المغلوبون .
وقوله : { أم يريدون كيداً } أي أيريدون بك وبدينك كيداً ؛ ليقتلوك ويبطلوا دينك فالذين كفروا هم المكيدون ولست أنت ولا دينك . ولم يمض عن نزول هذه الآيات طويلُ زمن حتى هلك أولئك الكائدون ونصر الله رسوله وأعز دينه والحمد لله رب العالمين .
- صدق القرآن في أخباره آية أنه وحي الله وكلامه صدقاً وحقاً إنه لم يمض إلا قليل من الوقت أي خمسة عشر عاماً حتى ظهر مصداق قول الله تعالى فالذين كفروا هم المكيدون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.